منها ما أصابني، فكيف من يحملها مسيرة خمسمائة عام، في يوم واحد؟! اللهم خفف عن هـ من ثقلها وحرها، فلما أصبح الملك وجد من خفة الشمس وحرها ما لا يُعرف، فقال: يا رب ما الذي قضيت فيه، فقال: إن عبدي إدريس سألني أن أخفف عنك حملها وحرها، فأجبته، قال: يا رب اجعل بيني وبينه خلة، فأذن الله تعالى له فرفعه إلى السماء.
الدخيل في هذا كما قال زميلنا الدكتور على حسن رضوان: أقول ما ذكره أبو السعود من أقوال في معنى الآية محتملة المعنى المراد منها؛ إذ إن الذي أنبأت عنه الآية يحتمل عدة احتمالات: يحتمل أن يكون العلو معنويًّا، وهو علو الرتبة بشرف النبوة، أو بالذكر الجميل في الدنيا -كما قال أبو السعود- ويحتمل أن يكون العلو حسيًّا ب رفعه إلى السماء، وإن كنت أميل إلى الرأي الثاني لما في ذلك من خبر صحيح عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم - يؤيده، وهو ما ثبت في (الصحيحين) عن أنس - رضي الله عنه - في حديث المعراج أنّه - صلى الله عليه وسلم - رأى إدريس في السماء الرابعة، الحديث في (البخاري) " كتاب: مناقب الأنصار، باب " المعراج ".
وإليه ذهب الفخر الرازي في تفسيره حيث قال: إن المراد به الرفعة في المكان إلى موضع عالٍ وهذا أولى؛ لأن الرفعة المقرونة بالمكان تكون رفعة في المكان لا في الدرجة.
أما القول بأن إدريس -عليه السلام- في الجنة أدخلها بعد أن أذيق الموت وأحيي، فهو خبر موضوع والمتهم به إبراهيم بن عبد الله المصيصي؛ إذ إن الهيثمي أورده في (مجمع الزوائد) من حديث أم سلمة، وعزاه للطبراني في (الأوسط)، وقال: في إسناده إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي، وهو متروك؛ انظر (مجمع الزوائد) " كتاب: ذكر الأنبياء " للهيثمي.