القرن فلا يرى شيئًا، فقال لإيشا: هل بقي لك ولد غيرهم؟ قال: لا، فقال نبي هذا الزمان: يا رب إ نَّه زعم أنه لا ولد له غيرهم، فقال الله: كذب، فقال هذا النبي لإيشا: إن الله كذبك، فقال إيشا: صدق الله يا نبي الله، إن لي ابنًا صغيرًا، يقال له: داود، استحييت أن يراه الناس لقصر قامته وحقارته، فخلفته في الغنم يرعاها، وهو في شعب كذا وكذا.
وكان داود رجلًا قصيرًا مسقامًا مصفارًا أزرق أمعر -يعني: ضعيف البنية، وأمعر قليل الشعر، ونحيف الجسم- ورغم كل هذا كل هذا أخا الإسلام من أكاذيب بني إسرائيل، ومن رميهم الأنبياء بأبشع الصفات فقاتلهم الله أنى يؤفكون.
وما كان لأبيه وقد أخبره داود بما ذكره أول القصة أن ينتقصه، ويصفه بهذه الأوصاف، ومع هذا سنسرد القصة الإسرائيلية. فدعاه طالوت، ويقال: بل خرج إليه، فوجد الوادي قد سال بينه وبين الزبيبة التي كان يريح إليها، فوجده يحمل شاتين يجيز بهما السيل، ولا يخوض بهما الماء، فلما رآه قال: هذا هو لا شك فيه، هذا يرحم البهائم، فهو بالناس أرحم، فدعاه ووضع القرن على رأسه، ففاض -يعني من غير أن يسيل على وجهه- فقال طالوت: هل لك أن تقتل جالوت، وأزوجك ابنتي وأجري خاتمك في ملكي؟ قال: نعم، قال: وهل آنست من نفسك شيئًا تتقوى به على قتله؟ قال: نعم، وذكر بعض ذلك.
فأخذ طالوت داود، ورده إلى عسكره، وفي الطريق مرَّ داود بحجر، فناداه: يا دود احملني؛ فإني حجر هارون الذي قتل بي ملك كذا وكذا، فحمله في مخلاته، ثم مضى بآخر، فناداه قائلًا: إنه حجر موسى الذي قتل به ملك كذا، فأخذه في مخلاته، ثم مر بحجر ثالث فناداه قائل ً اله: احملني فإني حجرك الذي تقتل بي جالوت، فوضعه في مخلاته، فلما تصافوا للقتال وبرز جالوت، وسأل