أسانيد صحيحة عن الحسن -رضي الله عنه- أنه فَسّر الآية بذلك؛ أي: بأنّ الشِّركَ هذا إنما هو من ما ينسب لليهود والنصارى، وهو من أحسن التفاسير، وأولى ما حملت عليه الآية، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما عَدَل عنه هو ولا غيره، ولا سيما مع تقواه لله وورعه.
فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم؛ مثل: كعب أو وهب بن منبه وغيرهما كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع والله أعلم. هذا ما ذكره العلامة ابن كثير.
فأما الآثار: فقال محمد بن إسحاق بن يسار، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: "كانت حواء تلد لآدم -عليه السلام- أولادًا فيعبدهم با لله، ويُسَمّيهم عبد الله وعبيد الله، ونحو ذلك؛ فيصيبهم الموت فأتاهما إبليس؛ فقال: إنكما لو سميتماه بغير الذي تسميانه به لعاش؛ قال: فولدت له رجلًا فسماه عبد الحارث؛ ففيه أنزل الله يقول: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ... } إلى آخر الآيات.
وقال العوفي عن ابن عباس: قوله في آدم {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} إلى قوله: {فَمَرَّتْ بِهِ} شكت أحملت أم لا؛ {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} الآية؛ فأتاهما الشيطان فقال: هل تدريان ما يولدُ لكما أم هل تدريان ما يكون أبهيمةٌ أم لا؟ وزين لهما الباطل إنه غوي مبين؛ وقد كانت قبل ذلك ولدت ولدين فماتا، فقال لهما الشيطان: إنكما إن لم تسمياه بي لم يخرج سويًّا، ومات كما مات الأول؛ فسميا ولدهما عبد الحارث فذلك قوله: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا} الآية.