مقطوع به، وقد تقرر أن اليد ليست بجارحة حتى يتوهم في ثبوتها الأصابع، بل هو توقيف أطلقه الشارع فلا يكيف هذا، ولا يشبه، ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي؛ لأن اليهود كما نعرف مشبهة، وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه، ولا تدخل في مذاهب المسلمين.
وأما ضحكه -صلى الله عليه وسلم- من قول الحبر، فيحتمل الرضا والإنكار؛ يعني: يحتمل هذا وذاك، وأما قول الراوي: "تصديقًا له"، فهذا ظن من الراوي وحسبان، وقد جاء الحديث من طرق أخرى ليس فيها هذه الزيادة، وعلى كل حال على تقدير صحتها، قد يستدل بحمرة الوجه على الخجل، كما يستدل بصفرته على الوجل، ويكون الأمر بخلاف ذلك، كما فهمنا.
وعلى تقدير أن يكون هذا محفوظًا، فهو محمول على تأويل قول الله -جل وعلا-: {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (الزمر: 67).
كما أن الإمام ابن حجر نقل في موضعٍ آخر من (فتح الباري) عن ابن التين أنه قال: تكلف الخطابي في تأويل الإصبع، وبالغ حتى جعل ضحكه -صلى الله عليه وسلم- تعجبًا وإنكارًا لما قال الحبر، ورد ما وقع في الرواية الأخرى: "فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعجبًا وتصديقًا" بأنه على قدر ما فهم الراوي.
قال الإمام النووي: وظاهر السياق أنه ضحك تصديقًا له بدليل قراءة الآية التي تدل على صدق ما قال الحبر.
وعلى كل حال فالأولى في هذه الأشياء الكف عن التأويل مع اعتقاد تنزيه الله -جل وعلا- فإن كل ما يستلزم النقص من ظاهرها غير مراد في هذه النصوص.
ثانيًا: النوع الثاني: ما يتعلق بالأحكام، وهنا أيضًا روى الإمام البخاري -رحمه الله- في كتاب التفسير في باب: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (آل عمران: 93) روى لنا حديثًا عن نافع