وقد روي هذا عن ابن عباس -رضي الله عنه ا - ومجاهد وعكرمة ومحمد بن كعب القرظي والسدي وابن جريج وغيرهم، وروى أيضًا أنها سألت سيدنا سليمان عن أمرين، قالت له: أريد ماء ليس من أرض ولا من سماء؛ فسأل سليمان الإنس ثم الجن ثم الشياطين؛ فقالت الشياطين: هذا هين أجري الخيل ثم خذ عرقها ثم املأ منه الآنية؛ فأمر بالخيل فأجريت، ثم أخذ العرق، فملأ منه الآنية، فسألته عن لون الله -عز وجل- فوثب سليمان عن سريره وفزع من السؤال، وقال: لقد سألتني يا رب عن أمرٍ إنه ليتعاظم في قلبي أن أذكره لك، ولكن الله أنساه وأنساهم ما سألته عنه، وأن الشياطين خافوا لو تزوجها سليمان وجاءت بولد أن يبقوا في عبوديته؛ فصنعوا له هذا الصرح الممرد فظنته ماءً؛ فكشفت عن ساقيها لتعبره؛ فإذا هي شعراء؛ فاستشارهم سليمان: ما يذهبه؟ فجعلت له الشياطين النورة.
هذا كلام طبعًا فيه كذب ظاهر؛ كأن النورة والحمام لم يكونا إلا لها، وكأن سليمان -عليه السلام- لم يكن له هم إلا إزالة شعر ساقيها، وهو تجنٍّ وكذب صارخ على الأنبياء، وإظهار الأنبياء بمظهر المتهالك على النساء ومحاسنهم، قبح الله اليهود هم وراء ذلك.
كلمة "الصرح": صنعوا له هذا الصرح: هو القصر المشيد المحكم البناء، المرتفع في السماء.
و"الممرد"، أي: الناعم الأملس، والقوارير هنا: هي الزجاج الصافي النقي.
يقول لنا شيخنا الشيخ أبو شهبة -معلقًا على هذا الكلام وناقلًا عن العلامة ابن كثير في (تفسيره) -: قال ابن كثير -بعد أن ذكر بعض المرويات-: والأقرب في مثل هذه السياقات أنها متلقاة عن أهل الكتاب مما وجد في صحفهم؛ كرواية كعب ووهب، سامحهما الله فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من