بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني عشر
(نماذج من الإسرائيليات في القصص القرآني (10))
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
التفسير الصحيح للآيات:
الآيات في هذا هي قول الله -جل وعلا -: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء} (المائدة: 112).
{إِذْ} ظرف لما مضى من الزمان، وهو مفعول لفعل محذوف والتقدير: اذكر يا محمد -صلى الله عليك وسلم- ما حدث في هذا الزمان البعيد؛ لكي يكون دليلًا على صدق نبوتك؛ فما كنت معهم، ولا صاحبت أهل الكتاب، ولم تكن قارئًا ولا كاتبًا؛ فمعرفتك بهذه القصة دليل على أنك تلقيتها من الوحي من ربك.
{إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} الحواريون جمع حواري: وهم المخلصون الأصفياء من أتباع عيسى -عليه السلام- ويطلق أيضًا على الأصحاب المخلصين من أتباع الأنبياء، وفي الحديث الصحيح: ((لكل نبي حواري، وحواريي الزبير)) أي: ابن العوام.
و" المائدة ": هي الخوان الذي عليه الطعام؛ فإن لم يكن عليها طعام؛ فهو خوان.
و"السماء" {أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنْ السَّمَاءِ} هي السماء المعروفة، أو المراد بها جهة العلو فإنها قد تطلق ويراد بها كل ما علا.
والاستفهام في هذه الآية: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} ليس المراد هو أصل الاستطاعة وأنهم ما كانوا يعلمون هذا؛ لأن السائلين كانوا مؤمنين عارفين عالمين بالله وصفاته؛ بل في أعلى درجات هذه الصفات؛ وإنما المراد بالسؤال: الإنزال بالفعل؛ يعني: هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة، المعنى: هل ينزل علينا