بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الحادي عشر
(نماذج من الإسرائيليات في القصص القرآني (9))
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
لا زلنا مع نبي الله يوسف -عليه السلام- تلك القصة التي ذُكرت مكتملة في سورة "يوسف" وفيها ما فيها من الإسرائيليات التي أوردها المفسرون في تفسيرهم، وسبق أن تكلمنا عن يوسف -عليه السلام- وعن الآيات التي بينت أن امرأة العزيز راودته عن نفسه، وأنه كان صادقً؛ إذ لم يقترب من جانب الخط، والآيات في هذا في هذه السورة وغيرها كثيرة، فالله -جل جلاله- يقول: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (يوسف: 24).
وقلت: من الآيات ما يوضح براءة هذا الرسول المعصوم -صلوات الله وسلامه عليه- وماذا بعد قول الله -جل وعل-: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} (يوسف: 23).
وتتوالى الآيات ونرى الآية {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (يوسف: 24).
ولقد شهد الشيطان نفسه من الآيات ليوسف -عليه السلام- عندما قال: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (ص: 82) فيوسف من عباد الله المخلصين.
والآيات على لسان هذه المرأة بطلة المراودة عندما تقول: {وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} ولما استبقا الباب وصل يوسف إلى الباب يهرب منها؛ فعند ذلك وجده الملك وعندها جاء شاهد ليشهد في القضية {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنْ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنْ الْخَاطِئِينَ} 29).