كانوا، وفي أي زمان، وفي أي مكان وجدوا، وتحدث عن أسمائهم، واسم كلبهم، وهو قطمير أم غيره، وعن لونه أهو أصفر أم أحمر.
بل روى ابن أبي حاتم من طريق سفيان قال: رجل بالكوفة يقال له: عبيد، وكان لا يُتَّهم بالكذب، قال: رأيت كلب أصحاب الكهف أحمر كأنه كساء أنبجاني، نسبة إلى بلد اسمها أنبج تُعرف بصنع الأكسية، ولا ندري كيف كان لا يُتهم بالكذب، وما زعم كذب لا شك فيه، فهل بقي كلب أصحاب الكهف حتى يومنا هذا، أو حتى الإسلام حتى رآه هؤلاء كلام لا يُعقل.
وذكروا أخبار ًا غرائب في الرقيم؛ فمن قائل: إنه قرية، وروى ذلك كعب الأحبار، ومن قائل: إنه وادٍ بفلسطين بقرية أيلة، وقيل: اسم جبل أصحاب الكهف إلى غير ذلك، مع أن الظاهر أنه كما قال كثير من السلف: إنه الكتاب أو الحجر الذي دُوِّن فيه قصتهم وأخبارهم أو غير ذلك مما لا نجزم به فالله أعلم به.
وكلمة الرقيم فعيل بمعنى مفعول؛ أي: مرقوم، وفي الكتاب الكريم جاء قوله سبحانه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} (المطففين: 19 - 21)، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ} (المطففين: 8، 9) يعني: رقيم بمعنى مفعول.
وفي هذه الأخبار التي نُقلت عن الرقيم وعن أصحاب الكهف وعن صفاتهم وعددهم وأسمائهم الحق والباطل، والصدق والكذب، وفيها ما هو محتمل للصدق والكذب، ولكن فيما عندنا غُنية عنه، ولا فائدة من الاشتغال بمعرفة هذا، وتفسير القرآن الكريم به، فإن الآيات لا تحتاج إلى هذا التفسير، والأولى والأحسن أن نضرب عنه صفحنا، وقد أدبنا الله بذلك حيث قال لنبيه بعد ذكر اختلاف أهل الكتاب في عدد أصحاب الكهف قال - سبحانه: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} (الكهف: 22).