بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع
(نماذج من الإسرائيليات في القصص القرآني (7))
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
نعود فنعرج أيضًا على ما ذكرته عن "إرم ذات العماد"، فقد سبق القول فيما ذكر في هذه القصة من الإسرائيليات، إنما نعقب تعقيب يكمل ما مضى، فذكر الطبري والثعلبي والزمخشري وغيرهم في قوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَاد} (الفجر: 6 - 8)، فقد زعموا أن " إرم " مدينة، وذكروا في بنائها وزخارفها ما هو من قبيل الخيال، ورَوَوْا في ذلك أنه كان لعاد ابنان؛ شداد وشديد، فملكا وقهرا، ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد، فملك الدنيا، فسمع بذكر الجنة، فقال: أبني مثلها؛ فبنى " إرم " في بعض صحاري عدن في ثلاثمائة سنة، وكان عمره تسعمائة سنة، وهي مدينة عظيمة وسورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الزبرجد والي اقوت، ولما تم بناؤها س ار إليها بأ هـ ب -الأُ هـ ب هذه جمع أُ هـ بة، وهي العدة- مملكته، فلما كان منها مسيرة يوم وليلة بعث الله - تعالى - عليهم صيحة من السماء فهلكوا.
وروى وهب بن منبه، عن عبد الله بن قلابة، أنه خرج في طلب إبل له فوقع عليها، يعني: على مدينة " إرم "، فحمل منها ما قدر عليه، وبلغ خبره معاوية فاستحضره وقص عليه، فبعث إلى كعب الأحبار يسأله، فقال: هي " إرم ذات العماد "، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانه، أحمر، أشقر، قصير، على حاجبه خال - أي: علامة - ثم التفت فأبصر ابن قلابه، فقال: هذا والله ذاك الرجل.