والأنبياء إنما يبعثون من أوساط قومهم؛ أي: من خيارهم وأكرمهم وأفضلهم نسبًا وعشيرة ووجاهة، فأين كانت عشيرته فتواريه أو تطعمه؟ بدل ًا أن تخدم امرأته الناس وتبيع ضفيرتيها في سبيل إطعامه، بل أين كان اتباعه والمؤمنون منه؟ فهل تخلو عنه في بلائه؟ وكيف والإيمان ينافي ذلك؟.
الحق أن هذه القصة من الأكاذيب وأن نسجها مهلهل، لا يثبت أمام النقد، ولا يؤيده عقل سليم، ولا نقل صحيح، وأن ما أصيب به أيوب من المرض إنما كان من النوع غير المنفر والمقزز، وأنه من الأمراض التي لا يظهر أثرها على البشرة؛؛ يعني: ممكن أمراض المفاصل أو الروماتيزم، الأشياء التي نعرفها، التي لا تنفّر ولا تجعل الإنسان يلقى على مزبلة .. إلى غير ذلك، أمراض العظام هذه الأمور تنال الكثير من الناس.
ويؤيد ذلك أن الله لما أمره أن يضرب الأرض بقدمه فنبعت عين، فاغتسل منها وشرب، فبرأ بإذن الله، وقيل: إ نه ضرب الأرض برجله فنبعت عين حارة فاغتسل منها، وضربها مرة أخرى فنبعن عين باردة فشرب منها، والله أعلم بالصواب.
وظاهر القرآن عدم التعدّد في الضرب ولا في نبع الماء؛ لأنه قيل: اضرب برجلك.
بعد ذلك نعرج أيضًا على مقالة الإمام القاضي أب ي بكر بن العربي في هذا الشأن، ونختم بها قصة أيوب -عليه السلام- يقول شيخنا الإمام أبو شهبة: يعجبني ما قاله الإمام القاضي أبو بكر بن العربي -رحمه الله- قال: ولم يصح عن أيوب في أمره إلا ما أخبرنا الله عنه في كتابه في آيتين الأولى في قوله: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ}، والثانية في "ص": {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ}.