الإخباريون من تشبه الشيطان به، وتسلطه على ملكه، وتصرفه في أمته بالجور في حكمه والظلم؛ لأن الشياطين لا يُسلطون على مثل هذا، وقد عصم الأنبياء من مثل هذا. هذا كلام القاضي عياض في كتابه (الشفا).
وكذلك الإمام الحافظ الناقد ابن كثير في ت فسيره قال بعد أن ذكر ال كثير من هذه الرويات, قال: وهذه كلها من الإسرائيليات.
ومن أنكرها أيضًا ما قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن حسين، قال: حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: أخبرنا الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله - تعال ى-: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ}، قال: أراد سليمان -عليه الصلاة والسلام- أن يدخل الخلاء وكذا وكذا؛ ذكر الرواية التي سبق ذكرها، ثم قال -أي قال العلامة ابن كثير -: إسناده إلى ابن عباس - رضي الله عنهما- قوي، ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس -رضي الله عنهما- إن صح عنه من أهل الكتاب، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان -عليه الصلاة والسلام- فالظاهر أنه يكذبون عليه، ولهذا كان في هذا السياق منكرات من أشدها ذكر النساء، فإن المشهور عن مجاهد وغير واحد من أئمة السلف، أن ذلك الجني لم يسلط على نساء سليمان، بل عصمهنّ الله -عز وجل- منه تشريفًا وتكريمًا لنبيه -عليه السلام- وقد رويت هذه القصة عن جماعة من السلف -رضي الله عنهم- بطولها؛ كسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وآخرين، وكلها متلقاة عن أهل الكتاب، والله - سبحانه - أعلم بالصواب.
قال علماؤنا: كلها أكاذيب وتلفيقات، ولكن بعض الكذبة من بني إسرائيل كان أحرص وأبعد غورًا من البعض الآخر؛ فلم يتورّط فيما تورط فيه البعض من ذكر تسلط الشيطان على نساء سليمان؛ وذلك حتى يكون لما لفقه وافتراه بعض