شق ذلك على المسلمين بديار مصر وغيرها وحين وصول الخبر إلى الملك العادل وهو بمرج الصفر تأوة لذلك شديدا ودق بيده على صدره أسفا وحزنا ومرض من ساعته مرض الموت لأمر يريده الله تعالى عز وجل فلما كان يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة من السنة الآتية بعدها توفي رحمه الله تعالى بقرية عالقين فجاء ولده المعظم إليه مسرعا فجمع حواصله وأرسله في محفة ومعه خادم بصفة أنه مريض وكلما جاء أحد من الأمراء ليسلم عليه منعه عنه الخادم يعني لضعفه عن الرد عليهم فلما انتهى. به إلى القلعة دفن بها مدة ثم حول إلى تربته بمدرسة العادلية الكبرى وقد كان من خيارهم وأجودهم سيرة وأحسنهم سريرة دينا عاقلا صبورا وقورا أبطل المحرمات والخمور والمعازف والمكوس من ممالكه كلها وقد كانت مملكته ممتدة من أقصى بلاد مصر واليمن والجزيرة والشام إلى همدان كلها أخذها بعد أخيه السلطان صلاح الدين سوى حلب فإنه أقرها بيد ابن أخيه الظاهر غازي بن صلاح الدين لأنه كان زوج ابنته ضيفة الست خاتون وكان صفوحا صبورا على الأذى كثير الجهاد وحضر مع أخيه مواقعه كلها أو أكثرها وله في تلك الأيام اليد البيضاء والراية العلياء وكان ماسك اليد لكنه أنفق في عام الغلاء بمصر أموالا عظيمة جدا وتصدق على أهل الحاجة من أبناء الناس وغيرهم شيئا كثيرا ثم في العام بعده في الفناء كفن ثلثمائة ألف إنسان من الغرباء وكان كثير الصدقة في أيام مرضه حتى كان يخلع ما عليه جميعا ويتصدق به وبركوبه وما يحبه من أومواله وكان كثير الأكل ممتعا بصحته وعافيه مع كثير صيامه يأكل في اليوم الواحد أكلات عدة ثم بعد كل هذا ياكل وقت النوم رطلا بالدمشقي من الحلوى السكرية اليابسة وكان يعتريه مرض في أنفه في زمن الورد وكان لأي قدر على الإقامة بدمشق حتى يفرغ زمن الورد وكان لأي قدر على الإقامة بدمشق حتى يفرغ زمن الورد وكان يضرب له الوطاق بمرج الصفر ثم يدخل البلد بعد ذلك وتوفي عن خمس وسبعين سنة وكان له من الأولاد جماعة محمد الكامل صاحب مصر وعيسى المعظم صاحب دمشق وموسى الأشرف صاحب الجزيرة وخلاط وحران وغير ذلك والأوحد