ثم قال صلى الله عليه وسلم حاكياً عن آدم: (اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً عليه السلام، فيقولون: يا نوح! أنت أول رسل الله إلى الأرض، وقد سماك الله عبداً شكوراً، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟! ألا ترى إلى ما بلغنا؟!)، نوح أول رسل الله إلى الأرض، ذلكم العملاق الذي ظل يدعو إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاماً! ذلكم النبي الكريم الذي دعا قومه في السر والعلانية، في الليل والنهار: {إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} [نوح:5 - 9].
ما ترك هذا النبي الكريم سبيلاً إلا وسلكه، فلم ينم ولم يهدأ ولم يقر له قرار، ومع ذلك يقولون: (يا نوح! أنت أول رسل الله إلى الأرض، وسماك الله عبداً شكوراً، ألا ترى ما نحن فيه؟! ألا ترى ما قد بلغنا؟! اشفع لنا إلى ربك، فيقول نوح: إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي، نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري)، إن لكل نبي دعوة مستجابة، وكل نبي قد تعجل بها في الدنيا إلا المصطفى، كما في صحيح مسلم: (لكل نبي دعوة مجابة، وكل نبي قد تعجل دعوته إلا أنا فقد اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة، فإنها نائلة إن شاء الله تعالى من مات لا يشرك بالله شيئاً).
اللهم ارزقنا التوحيد وتوفنا عليه يا أرحم الراحمين!