روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (يحشر الناس على ثلاث طرائق: راغبين وراهبين، واثنين على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير وعشرة على بعير، وتحشر بَقيَّتَهُم النار، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسى معهم حيث أمسوا).
قال العلامة القرطبي في كتابه التذكرة: والحشر هو الجمع، حشر الناس: أي: جمع الناس، وفي هذا إشكال لدى بعض أهل العلم، قالوا: هل هذا الحشر في الدنيا أو في الآخرة؟ قال القرطبي: الحشر: هو الجمع، وهو أربعة أنواع: الحشر الأول والثاني في الدنيا، والحشر الثالث والرابع في الآخرة.
أما الحشر الأول: فهو المذكور في قول الله تعالى في سورة الحشر: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر:2].
الحشر الثاني: هو الحشر الوارد في حديث حذيفة: وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم، وهذا هو الحشر الثاني، فحشر النار للناس لا يكون إلا في الدنيا.
الحشر الثالث: حشر الناس من القبور وغيرها بعد البعث.
الحشر الرابع: حشر الناس إلى الجنة أو إلى النار، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الجنان.
والذي عليه جمهور المحققين من العلماء: أن الحشر الوارد في حديث حذيفة -الذي هو علامة من العلامات الكبرى- لا يكون إلا في الدنيا، والدليل الصحيح الصريح على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر أن الحشر الذي يكون في الآخرة يحشر فيه المؤمنون والكافرون، أما هذا الحشر فليس فيه إلا الكفار، أما المؤمنون فإن الله يبعث إليهم ريحاً تقبض أرواحهم قبل هذا الحشر.
أما حشر الآخرة فيحشر فيه المؤمن والكافر حفاة عراة غرلاً كما في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تحشرون حفاة عراة غرلاً قالت عائشة: يا رسول الله! الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟! فقال المصطفى: يا عائشة! الأمر أشد من أن يهمهم ذلك!).
وفي رواية أنس أنها قالت: الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض! واسوأتاه! فقال لها: يا عائشة لقد نزلت على آية لا يضرك أكان عليك ثياب أم لا، وتلى النبي قوله تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:37]).
تذكر وقوفك يوم العرض عُريانا مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا والنار تلهب من غيظ ومن حنق على العصاة ورب العرش غضبانا اقرأ كتابك ياعبدُ يعلى مَهَلٍ فهل ترى فيه حرفاً غير ما كان لما قرأت ولم تنكر قراءته أقررت إقرار من عرف الأشياء عرفانا نادى الجليل خذوه يا ملائكتي وامضوا بعبدٍ عصى للنار عطشانا المشركون غداً فى النار يلتهبوا والموحدون بدار الخلد سُكَّانا أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.