أيها الأحبة الكرام! هذا قليل من كثير، فلا زال في الجُعْبَة، أو في الكتب -بمعنى أحرى- الكثير عن فتنة الدجال، ولقد لخصت وأجملت لكم ما يَسَّر الله عز وجل؛ لنقف على خطورة هذه الفتنة، ثم لأعرج بعد جلسة الاستراحة على سبيل النجاة من فتنة الدجال، والله أسأل أن يجعلني وإياكم جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وقبل أن أجلس جلسة الاستراحة، قد يسألني الآن مسلم تغيظ قلبه من الدجال وفتنته، ويقول لي: يا أخي! لا تدعنا هكذا بل بشر قلوبنا، وأسعد قلوبنا: هل سيقتل الدجال؟ ومن الذي سيقتله؟
و صلى الله عليه وسلم أبشر! سيُقتل الدجال، يقتله عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
أين يقتله؟ ومتى يقتله؟ اسمع الجواب من رسول الله، والحديث رواه ابن ماجة في سننه والحاكم في المستدرك، وصحح الحديث الألباني من حديث أبي أمامة الباهلي أنه صلى الله عليه وسلم قال: بينما إمام المسلمين يصلي بهم الصبح في بيت المقدس -اللهم فُكَّ أسره، ورده إلى المسلمين ردّاً جميلاً، وطهره من دنس اليهود برحمتك يا رب العالمين- إذ نزل عليهم عيسى بن مريم، فإذا نظر إليه إمام المسلمين عرفه)، فمن أدبه الذي تعلمه من رسول الله، وعلمه إياه دين الله أنه إذا رأى عيسى، يتقهقر إمام المسلمين للخلف؛ ليفسح القبلة لنبي الله عيسى، ليصلي بالمؤمنين أتباع سيد النبيين محمد.
قال: (فيأتي عيسى عليه السلام ويضع يده في كتف إمام المسلمين، ويقول له: لا، بل تقدم أنت فَصَلِّ؛ فالصلاة لك أقيمت -وفي لفظ: فإمامكم منكم يا أمة محمد! - ويصلي نبي الله عيسى خلف إمام المسلمين لله رب العالمين، فإذا ما أنهى إمام المسلمين الصلاة قام عيسى، وقام خلفه المسلمون، فإذا فتح عيسى باب بيت المقدس رأى المسيح الدجال ومعه سبعون ألف يهودي بيدهم السلاح، فإذا نظر الدجال إلى نبي الله عيسى ذاب كما يذوب الملح في الماء، ثم يهرب، يقول المصطفى: فينطلق عيسى وراءه، فيمسك به عند باب لُدّ الشرقي)، كلام دقيق من الصادق كأنه يرى الأحداث أمام عينيه، وكأن الله كشف له الحُجُب فرأى كل شيء بأبي هو وأمي.
قال: (فيمسك به المسيح عند باب لد الشرقي -و (لد) مدينة معروفة بفلسطين- فيقتله نبي الله عيسى)، ويستريح الخلق من شر الدجال ومن فتنة الدجال، أسأل الله أن يقينا وإياكم من فتنته، بل ومن الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن.
وأخيراً: ما السبيل إلى النجاة؟ والجواب بعد جلسة الاستراحة، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.