بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
في رحاب الدار الآخرة.
سلسلة علمية جديدة تجمع بين المنهجية والرقائق، وبين التأصيل العلمي والأسلوب الوعظي، الهدف منها: تذكير الناس بحقيقة الدنيا، وتنبيه الناس وإيقاظهم من غفلتهم ورقدتهم الطويلة، فقد تأتيهم الساعة بغتة فتأخذهم وهم يخصمون، فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون.
وهذا هو لقاؤنا الخامس من لقاءات هذه السلسلة العلمية الهامة، وكنا قد أنهينا الحديث -في اللقاء الماضي- عن المسيح الدجال كعلامة كبرى من العلامات التي ستقع بين يدي الساعة، والتي ذكرها المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح الذي رواه مسلم من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال (فقال المصطفى: ما تذاكرون؟ فقالوا: نذكر الساعة يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات، وهي: الدخان، والدجال، والدآبة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم).
ونحن اليوم على موعد مع علامة أخرى من هذه العلامات الكبرى، وقد سبق أن ذكرنا أن المصطفى قد ذكر هذه العلامات بغير هذا الترتيب، ولكن إذا وقعت علامة من هذه العلامات وقعت العلامات الكبرى بعدها تباعاً، فالعلامات الكبرى كحبات العقد، إذا انفرطت منه حبة تتابعت بقية الحبات، كما قال المصطفى في الحديث الذي رواه الحاكم في المستدرك، وصححه على شرط مسلم، وأقر الحاكم الذهبي والألباني من حديث أنس بن مالك، أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: (الأمارات -أي: العلامات- خرزات منظومات في سلك، فإن يقطع السلك يتبع بعضها بعضاً).
فنحن اليوم على موعد مع علامة كبرى من هذه العلامات، ألا وهي: نزول عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
فأعرني قلبك أيها الحبيب الكريم! وكعادتنا حتى لا ينسحب بساط الوقت من بين أيدينا سريعاً، فسوف نركز الحديث -مع حضراتكم- تحت هذه العلامة في العناصر التالية: أولاً: عيسى بن مريم والميلاد المعجز.
ثانياً: بل رفعه الله إليه.
ثالثاً: نزول عيسى إلى الأرض من السماء.
فأعرني قلبك وسمعك أيها الحبيب! والله أسأل أن يجعلني وإياكم جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.