أيها الأحبة الكرام! ومن العلامات: فتنة الغربة حيث يشعر المؤمن بالغربة، فيعيش في عالم يشير إليه بالبنان إذا كان ملتزماً، ويشعر المسلم الصادق بالغربة بين الناس إن أعفى اللحية ولبس الثوب القصير، ووضع السواك في فمه بدلاً من السيجارة، ونقب زوجته وجلببها بجلباب العفة والحياء والمروءة والشرف، وانطلق إلى مجالس العلم، وحرص على طاعة الله، وطهر بيته من التلفاز والخبث والمعاصي والمصائب، فيشير الناس إليه بأصابع التطرف والإرهاب والاتهام: وإن قال وقال الله قال رسوله همزوه همز المنكر المتغالي ولا حول ولا قوة إلا بالله! فالمسلم الصادق الآن يعيش فتنة قاسية ألا وهي فتنة الغربة، كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء).
أبشر يا من تشعر بالغربة الآن بين الناس، أبشر بهذه البشارة لك من رسول الله: (فطوبى للغرباء).
وفي غير رواية مسلم: (قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟! قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس)، وفي لفظ: (قال: الذين يصلحون ما أفسده الناس)، وفي لفظ: (قال: الذين يحيون سنتي ويعلمونها الناس)، وفي لفظ: (قال: الذين يفرون بدينهم من الفتن)، فأهل الغربة الآن يفرون بدينهم من الفتن، بل لقد روى الترمذي في سننه بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (سيأتي على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على جمر بين يديه).