وقد تسألني الآن بإيجاز: أين السبيل للنجاة من عذاب القبر -وأسأل الله أن ينجينا وإياكم- أقول لك: أعظم سبيل للنجاة من عذاب القبر أن تستقيم على طاعة الملك جل وعلا، وأن تتبع طريق النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت:30 - 32].
ومن أنفع الأسباب كذلك للنجاة من عذاب القبر ما ذكره الإمام ابن القيم في كتابه القيم (الروح)، قال: ومن أنفعها أن يتفكر الإنسان قبل نومه ساعة ليذكر نفسه بعمله، فإن كان مقصراً زاد في عمله، وإن كان عاصياً تاب إلى الله، وليجدد توبة قبل نومه بينه وبين الله.
ومن شروط التوبة أن تقلع عن الذنب، وأن تندم على الذنب، وأن تعزم على العمل الصالح، قال: فإن مات من ليلته على هذه التوبة فهو من أهل الجنة.
فينجيه الله عز وجل من عذاب القبر، ومن عذاب النار.
ومن أعظم الأسباب التي تنجي من عذاب القبر أن تداوم على العمل الصالح، كالتوحيد، والصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، والدعوة، وحضور مجالس العلم التي ضيعها الناس وانشغلوا عنها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وكل عمل يرضي الرب جل وعلا فهو من العمل الصالح الذي ينجي صاحبه من عذاب القبر ومن عذاب النار.
وإن من أعظم الأعمال التي تنجي صاحبها من عذاب القبر الشهادة في سبيل الله، اللهم ارفع علم الجهاد، وارزقنا الشهادة في سبيلك يا أرحم الراحمين.
ورد في الحديث الذي رواه الحاكم وحسن إسناده الشيخ الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (للشهيد عند الله ست خصال: الأولى: يغفر له مع أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة.
الثانية: ينجيه الله عز وجل من عذاب القبر.
الثالثة: يؤمنه الله من الفزع الأكبر.
الرابعة: يلبسه الله تاج الوقار الياقوتة فيه خير من الدنيا وما فيها.
الخامسة: يزوجه الله بثنتين وسبعين زوجة من الحور العين.
السادسة: يشفعه الله في سبعين من أهله).
اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك يا رب العالمين، وارفع -اللهم- علم الجهاد، واقمع -اللهم- أهل الزيغ والفساد.
وأختم بحديث يملأ القلب أملاً ورضاً، فحافظ عليه، وحافظ على كل ما ذكرت، فقد ورد في الحديث الذي رواه الحاكم في المستدرك وصححه، وأقره الذهبي، وصحح إسناده الشيخ الألباني في مشكاة المصابيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سورة الملك هي المانعة من عذاب القبر).
حافظ عليها أيها الكريم، وحافظي عليها أيتها المسلمة، فقبل أن تنام افتح كتاب الله على سورة الملك: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الملك:1]، وتدبر السورة، وتضرع بعدها إلى الله عز وجل بالدعاء بعد أذكار النوم، مع تجديد التوبة، ونم نومة العروس، فإن قدر الله عليك الموت نجاك بكرمه من عذاب القبر ومن عذاب النار.
اللهم! نجنا من عذاب القبر ومن عذاب النار.
اللهم! نجنا من عذاب القبر ومن عذاب النار.
اللهم! نجنا من عذاب القبر ومن عذاب النار.
اللهم! نجنا من عذاب القبر ومن عذاب النار.
اللهم! لا تجعل الدنيا أكبر همنا يا عزيز يا غفار.
اللهم! إن أردت بالناس فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين، ولا مفرطين ولا مضيعين، ولا مغيرين ولا مبدلين.
اللهم! لا تدع لأحد منا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا ثبته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين.
اللهم! اجعل كل جمع لنا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروماً.
اللهم! استرنا ولا تفضحنا، وأكرمنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا.
اللهم! اقبلنا وتقبل منا، وتب علينا وارحمنا؛ إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم! وحد كلمتنا.
اللهم! ألف بين قلوبنا.
اللهم! وحد صفنا.
اللهم! رد الأمة إليك رداً جميلاً.
اللهم! ارزق الأمة القائد الرباني.
اللهم! أبرم للأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر؛ أنت ولي ذلك والقادر عليه يا رب العالمين.