الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام! وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من المخلصين الصادقين، وأن يختم لي ولكم بخاتمة السعادة، وأن يرزقنا الزيادة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
في عجالة أذكرك -أيها الحبيب- بالعنصر الثاني، وهو أسباب عذاب القبر.
والحديث عن أسباب عذاب القبر من وجهين: مجمل ومفصل.
أما المجمل فإن معصية الله عز وجل أصل لكل بلاء، وعلى رأس هذه المعاصي الشرك، أسأل الله أن يرزقني وإياكم التوحيد، فإن أعظم زاد تلقى الله به هو التوحيد، وإن أبشع وأشنع ذنب تلقى الله به هو الشرك: {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13].
أما التفصيل فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم -كما ذكرت آنفاً- أن النميمة من أسباب عذاب القبر، وهناك الآن من المتخصصين في النميمة ما لا يحصى من العدد، رجال ونساء متخصصون في النميمة وفي نقل الفتن بين الناس لتأصيل العداوة والبغضاء في القلوب، يأتي إليك ليقول لك: قال فلان عنك كذا وكذا.
ووالله ما قال فلان هذا، ثم ينطلق إلى الآخر فيقول: أوما سمعت ما قد قال فلان؟ لقد قال كذا وكذا! أوما سمعت؟ لقد قالت فلانة عنك كذا وكذا! معشر المسلمين! النميمة سبب من أسباب عذاب القبر، قال المصطفى: (أما أحدهما كان يسعى بين الناس بالنميمة)، وعدم الاستتار من البول، وعدم التنزه من البول سبب من أسباب عذاب القبر في الحديث الصحيح.
والكذب، والربا، وهجر القرآن من أسباب عذاب القبر، كما في حديث سمرة بن جندب الطويل الذي رواه البخاري، فقد ذكر النبي فيه من أسباب عذاب القبر الكذب، والربا، وهجر القرآن، والزنا والغلول، والغلول: كل شيء يؤخذ من الغنيمة قبل أن تقسم.
ويدخل تحت الغلول السحت والحرام، من لا يتورعون عن أكل الحرام بأي صورة وبأي ثمن.
فالغلول من أسباب عذاب القبر، كما في الصحيحين في قصة الرجل الذي قتل، فقال الصحابة: هنيئاً له الجنة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن الشملة والشملة: غطاء الرأس- التي أخذها يوم خيبر لتشتعل عليه في جهنم ناراً)، قال تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:161].
فهذه أسباب مجملة ومفصلة.