أيها الأحبة! أرجو أن تتدبروا هذه الرواية الرقراقة الرقيقة الكريمة العظيمة، ففي الحديث الذي رواه أحمد في مسنده والبيهقي في السنن وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: وسنده جيد.
وسعدت كثيراً حينما رأيت شيخنا الألباني قد صحح الحديث بشواهده في السلسلة الصحيحة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سألت ربي عز وجل فوعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر فاستزدت ربي -أي: طلبت منه المزيد- فزادني مع كل ألف سبعين ألفاً) يا لها من كرامة! اسجد لربك شكراً يا من وحدت الله وآمنت بالحبيب رسول الله: ومما زادني فخراً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وأن أرسلت أحمد لي نبياً يا من خلقك الله موحداً، وأرسل إليك محمداً، لا تنس هذه النعمة، وضع أنفك وجبينك على التراب شكراً لله! (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) ونحن بفضل الله وباختياره لا باختيارنا خلقنا موحدين، وأرسل إلينا سيد النبيين، فيا لها والله من كرامة! هذه هي كرامة أمة الحبيب على الله، كما وعد حبيبه ومصطفاه في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ يوماً قول الله تعالى حكاية عن إبراهيم: (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم:36]، وقرأ الحبيب قول الله حكاية عن عيسى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118] فرفع الحبيب المصطفى يديه إلى السماء وبكى وقال: اللهم أمتي أمتي، اللهم أمتي أمتي، فقال الله لجبريل: يا جبريل! انزل على محمد وسله: ما يبكيك؟ وهو أعلم، فنزل جبريل فقال: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: أمتي أمتي يا جبريل، فقال الله لجبريل مرة ثانية: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك).
(استزدت ربي فزادني مع كل ألف سبعين ألفاً) بل والله لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم بعدها كلمة لو جمعتم أهل البلاغة على وجه الأرض ليعبروا لحضراتكم عن مكنونها لعجزوا، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ثم يحثي ربي بكفيه ثلاث حثيات) فكبر عمر، قال: الله أكبر! ولك أن تتصور هذا الفضل من صاحب الفضل جل جلاله!