قال تعالى في سورة الذاريات: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الذاريات:15]، وثبت علمياً أن النظر إلى الماء وإلى الخضرة يجلو البصر والبصيرة فيريح الإنسان.
{آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} [الذاريات:16]، وإليك صفات المحسنين عسى أن نكون مثلهم: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:17].
فالعجب ممن يقول: أنا أنام ثمان ساعات في اليوم وهذا ضروري، ومثل هذا لو عاش ستين سنة فإنه قد نام من عمره عشرين سنة، فيبقى من الستين أربعين سنة منها خمس عشرة سنة مع عيالك، فتبقى خمس وعشرون وهكذا يضيع العمر.
{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:17]، فالاستثناء هو النوم، والقاعدة هي القيام.
{وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:18]، أول الليل ينادي المنادي: ألا ليحكم العابدون.
وفي آخر الليل ينادي: ألا ليحكم المستغفرون بالأسحار، وبعد أن يأذن الفجر ينادي: ألا ليحكم الغافلون.
{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات:19]، أي: حق له سبحانه لا يأتي به الإنسان من نفسه وإنما هو حق واجب السداد.
وفي سورة السجدة ما يعضد الآيات السابقة: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16]، تتجافى جاءت من الفعل جفى ومعناه: عدم القبول والبعد.
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة:16]، فهم قاموا بمثل هذا العمل بسبب خوفهم، فحاول أن تجعل خوفك أكبر من الرجاء؛ لأنك عندما تخاف اليوم تأمن غداً بإذن الله، ولو أمنت الله اليوم فستخاف غداً، قال تعالى في الحديث القدسي: (لا أجمع على عبدي أمنين ولا خوفين).
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة:16 - 17]، فلا أحد يعرف كم مقدار الخير الذي أعده للمؤمنين في الآخرة {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17].