السبب الثاني: الكذب، وأنا -والله أعلم- أستطيع أن أقول أن ثمانية وتسعين بالمائة من المسلمين كذابون، وليس في الإسلام ما يسمى بالكذبة البيضاء، فهذه كلها مسميات باطلة، وهناك من يطلق بعض التسميات على الأشياء المحرمة، فمنهم من يقول: إن هناك كذبة بيضاء، وأخرى سوداء وكلاهما كذب محرم، ويطلقون على الخمر المحرم مشروبات روحية، ويطلق على الخلاعة وقلة الأدب والرقص والباليه الذي تكون البنت فيه عريانة كما ولدتها أمها، ولا يستر إلا شيء يسير من الجسم، يطلق عليه فن، وهذا كله من أبطل الباطل، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن هذا وقال: (سوف يأتي زمان على أمتي يسمون الحرام بغير اسمها).
فيقومون بتغيير المسميات فيسمون الربا فوائد واستثمار وأرباح، وفي الحقيقة هي خسائر ومصائب.
ولا يباح الكذب إلا في مواطن حددها الشرع الشريف.
فالكذب يباح في الإصلاح بين المتخاصمين، والكذب في الحرب، وكذب الرجل على زوجته ليصلح من شأنها، وهذا كله ليس بكذب.
وكان الكذب مذموماً عند السلف وإن كان كذباً على الحيوان، فقد روي عن أحد المحدثين أنه ذهب إلى محدث آخر يريد أن يأخذ الحديث عنه، فوجده يشير إلى ناقته بجمرة فيوهمها أن في حجره طعاماً حتى تتبعه، فسأله قائلاً: أفي حجرك شيء؟ قال: لا، فقال: إن كنت ستكذب على الناقة فلن تستحي أن تكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفض أن يأخذ الحديث عنه.
والكذب نجده منتشراً بكثرة في هذه الأيام سواء في الأسرة بأن تكذب الأم على أبنائها، أو على مستوى المجتمع، فإن المسلسلات كلها مبنية على الكذب، وما يحدث فيها من زواج وعقد وغيرها وهذه من الثلاث التي جدهن جد وهزلهن جد، وسيحاسب من يقومون بهذا يوم القيامة على هذه الكذبات.
إذاً: ثاني سبب من موجبات عذاب القبر: الكذب بكل أشكاله.