أول صفة لهم: التواضع.
قال تعالى: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان:63] وعرفنا ما معنى كلمة: (هوناً) وأنه المشي بالهداوة: سر إن استطعت في الهواء رويداً لا اختيالاً على رفات العباد رب قبر قد صار قبراً مراراً ضاحكٍ من تزاحم الأضداد فعجباً من الأخوة الذين يرفعون قضية على بعض، ومن الرجل الغاضب من أخيه، كلهم يوضع إلى جنب الآخر، وهذا مثل ما قال الرجل الشعبي لنفسه عندما ذهب يزور المقابر قال: ولقد قلت لنفسي وأنا بين الحفائر هل رأيت الأمن والراحة إلا في الحفائر؟ فأشارت فإذا للدود عقد في المحاجر ثم قالت: أيها السائل إني لست أدري انظري كيف تساوى الكل في هذا المكان وتساوى العبد مع رب الصولجان والتقى العاشق والقالي فما يفترقان ثم قالت: أيها السائل إني لست أدري! ما أعرف الحقيقة لكن يعلمها الله سبحانه وتعالى، كلهم التقوا هنا العاشق والقالي، والكاره والمحب، والفقير والغني، سبحان الله! كلهم يدفنون إلى جوار بعض، حتى الحانوتي الذي يدفن الناس فإنه سيأتي عليه يوم يدفن فيه.
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول فإذا حملت إلى شفير جثة فاعلم بأنك بعدها محمول يبقى الإنسان منا وهو متعظ بالله؛ لأنه سوف يأتي اليوم يحمل فيه، لذلك قال: أنا أمشي خلف الجنازة وأنا ساكت أتأمل، أقول: انظروا الرجل! كان من قبل يقفز يميناً وشمالاً، ويجمع المال من هنا ومن هنا، ويعادي من أجله، على ماذا هذا كله؟! فجأة يموت فيستريح (مستريح ومستراح منه)، انتهى الموضوع، قال تعالى: {قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف:41]، نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة.