ورأينا أيضاً أن الصراط جسر فوق النار والعياذ بالله، ويمر الناس عليه كل على قدر عمله، وهناك عند حوض الكوثر بعد العبور من الصراط يطرد من الحوض من تركوا سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وردوا أمر الله عز وجل، وقلت حكماً ما زلت أكرره؛ لأن الموضة بدأت تنتشر مرة أخرى، وهو أن المرأة الغير محجبة ولكنها مقتنعة بوجوب الحجاب، وتدعو الله أن يتم عليها هذه النعمة، فهي مؤمنة عاصية أو مسلمة عاصية، لكن لو أن امرأة مسلمة لا تلبس الحجاب لعدم اقتناعها به؛ ولأنها ترى أن الحجاب حجاب القلب؛ وأن الله لم يأمر بالحجاب فهي كافرة قد ارتدت عن الإسلام، فالله يأمرها بالحجاب فترفض ذلك، وتكذب الله ورسوله والقرآن، وتكذب من يبلغ عن رسول الله.
فالدين ليس فيه رأي ولا اجتهادات، الدين عندنا: قال الله في كتابه، وقال الحبيب في سنته، ثم الله أعلم، أو لا أعرف، فمن اقتنعت أن الله لم يأمر بالحجاب فهي كافرة، أما مسلمة وهي غير محجبة، فهي مسلمة عاصية، ندعو الله لها بالهداية.
وحوض الكوثر تذاد عنه كل امرأة غير محجبة، فكل من رد الأمر على الله لن يشرب من حوض الكوثر، وكل من لم يستن بسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما قال فسوف يذاد عن حوض الكوثر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يذاد أناس من أمتي عن الحوض يوم القيامة -أي: يطرود- فأقول: يا رب! أمتي أمتي، فيقول: يا محمد إنك لم تدر ماذا أحدثوا من بعدك، إنهم رجعوا على أدبارهم القهقرى) أي: تركوا الكتاب والسنة ورجعوا الوراء للجاهلية (فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدل وغير).
فالجماعة الذين يعملون الأربعين والثانوية وأعياد الميلاد، يعملون أموراً جاهلية لم يشرعها الله، ولم يأذن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه الأربعون بدعة فرعونية انتشرت في جميع أنحاء العالم من مصر، كأن الفساد الفرعوني لم يخرج إلا من مصر فانتشر في بقاع الأرض، وكنا نتمنى أن تنشر مصر الهدى والتقوى والإسلام، اللهم أعد الإسلام إلى المسلمين وأعد المسلمين إلى الإسلام يا رب العالمين.
ثم رأينا بعد ذلك النار وما فيها من أنواع العذاب والعياذ بالله، في أربع حلقات تقريباً، ثم تكلمنا عن الجنة ونعيمها وهذه هي الحلقة الرابعة عن جنة الرضوان، اللهم متعنا بجنة الرضوان يا رب العالمين.
أخرج الطبراني فيما يرويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة أحد إلا بجواز بسم الله الرحمن الرحيم)، يعني: أنك لا تدخل البلاد التي تذهب إليها إلا بالجواز والتأشيرة، والجنة لا تدخلها إلا بجواز مكتوب فيه بسم الله الرحمن الرحيم.
(هذا كتاب من الله لفلان ابن فلان أدخلوه جنة عالية، قطوفها دانية) ويأخذ هذا الكتاب بعد الميزان، بعد أن يأخذ العبد كتابه بيمينه، اللهم اجعلنا من أهل اليمين يا رب! والرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في كل شيء، فكان يأكل باليمين، ويصافح باليمين، ويتصدق باليمين، ويمسح على رأس اليتيم باليمين، ولم يجعل الشمال إلا لدورات المياه، صحيح أن الشمال ممكن أن تساعد في لأكل، لكن الأصل في الأكل اليمين، فالشمال مساعدة بأن تأخذ الطبق، أو تساعد في التقطيع أو الخبز، لكن الفندقة أو أسلوب الفنادق يقول لك: لا بد أن تضع الشوكة في اليد الشمال والسكين في اليمين، ولا ينفع أن تجعل الشوكة على اليمين والسكين على الشمال.
ولو قلت له: إنك أسرعت في الصلاة ولم تطمئن في ركوعك وسجودك؟ فإنه يتعلل بقوله: يا أستاذ! الرب غفور رحيم.
لعب الكرة قد وضعوا لها قوانين، فاللاعب لو خرج بدون إذن، فإنه يطرد من اللعب، أو لمس الكرة بيده داخل منطقة الجزاء في خط الثمانية عشر، يصبح (فاول) أو ضربة جزاء، والحكم يصفر، ولا يغضب اللاعب أبداً وهكذا، فلابد لمن يلعب أن يلعب بقانون.
أليس من باب أولى أن يكون للصلاة قانون وللزكاة قانون وللحج قانون، ولكلام الله قانون، ولكلام الحبيب المصطفى قانون، أو أن الأمور تمشي هكذا، نعم نحن نعرف جيداً أن الرب غفور رحيم، لكن هناك قوانين.
(دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مسجده، فرأى رجلاً لا يطمئن في صلاته -أي: يصلي بسرعة- فبعد أن أنهى الرجل صلاته، قال له: صل فإنك لم تصل) هذه نقطة خطيرة يا إخوان، لم يقل له صلاتك ناقصة، إنما قال له: صل فإنك لم تصل، (فأعاد الرجل صلاته، ثم قال له: صل فإنك لم تصل، ثم أعاد للمرة الثالثة، فقال له: صل فإنك لم تصل، قال: والله يا رسول الله لا أحسن إلا هذا، فقال له: إذا قمت إلى الصلاة، فكبر واقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، وارفع حتى تطمئن رافعاً، واسجد حتى تطمئن ساجداً، واجلس حتى تطمئن جالساً، وافعل ذلك في صلاتك كلها).
ومثل الذي يصلي وينقر صلاته نقر الغراب كالجائع يأكل التمرة والتمرتين لا تغنيان عنه شيئاً.
ولذلك فإن الذي لا يطمئن في الصلاة فإنها تلف كما يلف الثوب الخلق، أي: الثوب القديم، ويضرب بها وجه صاحبها، وتقول له: ضيعك الله كما ضيعتني.