أحمد الله رب العالمين، حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله ويكافئ مزيده، وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذه بمشيئة الله عز وجل هي الحلقة الثانية والعشرون في سلسلة حديثنا عن الدار الآخرة، أو عن الموت وما بعده.
والحديث عن النار يؤثر على المسلم ويجعله فزعاً من هول النار ومما في النار من ألوان العذاب التي أعدها الله سبحانه وتعالى لمن تكبر وتجبر وبغى وطغى وكفر بالله رب العالمين.
والحديث عن النار واقع حذرنا ونبهنا الله عز وجل منه، وحذرنا أيضاً سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، وكان الصحابة يفرقون من النار ومن ذكر النار وعذاب النار، وخزي النار، وكان الحبيب صلى الله عليه وسلم يذكر ويقول: (ما من عبد مسلم انفتل من صلاته -يعني: انتهى من صلاته- ولم يسأل الله الجنة ثلاثاً إلا قالت الجنة: يا رب! عبدك فلان انفتل من صلاته ولم يسألك أن تدخله الجنة، فيا بؤس هذا العبد! وإذا طلب العبد من ربه الجنة ثلاث مرات عقب كل صلاة، قالت الجنة: يا رب! اللهم إن عبدك فلاناً قد طلب منك أن تدخله الجنة، اللهم لا تحرمه مني ولا تحرمني منه).
ويسن أن يقول المسلم بعد صلاة الصبح وبعد صلاة المغرب سبع مرات: اللهم أجرني من النار، والأفضل أن يعمم فيقول: اللهم أجرنا من النار، لأنه قد يكون هناك من تنزل عليه الرحمة فيرحم الله الجميع، وقد ذكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن إنساناً ربما بكى في أمة من خشية الله فرحم الله هذه الأمة كلها ببكاء هذا الشخص، وكان حول الحبيب المصطفى البكائون السبعة من الصحابة، وكان قائدهم أبا بكر فكان لا يسمع آية إلا وبكى من خشية الله مما عرف من الحق والصدق، ومما رأى وشاهد من قربه من مولاه عز وجل.
فبعد كل صلاة تسأل الله الجنة، وتستعيذ بالله من النار، والنار تقول: (يا رب! إن فلاناً قد استجار بك مني، اللهم فأجره مني) فالنار تؤمن على دعائك، كما يفعل ذلك الحور العين، فقد ورد أن من سأل الله الحور العين فإنهن يقلن: (يا ربنا! إن عبدك فلاناً قد طلب منك أن تزوجه منا، اللهم لا تحرمه منا ولا تحرمنا منه).
وكان عبد الله بن أبي فضالة الصحابي الجليل رضي الله عنه دميم الوجه، وكان كلما يذهب إلى بيت يطلب منهم أن يزوجوه رفضوه حتى يئس الرجل، فمن باب الأدب ذهب إلى سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أأتزوج من الحور العين في الجنة؟ يعني: أنه في الدنيا لا يوجد أحد يرضى بي ويقبلني، فهل في الآخرة كذلك؟ فهو لا يسأل عمراً ولا زيداً وإنما يسأل من إذا قال له كلمة فقد صدق؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، والصحابة كانوا ينتهزون الفرص في الخير، ونحن ننتهز الفرص في قطعة أرض، أو في منحة أو غيرها.
ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب قام عكاشة رضي الله عنه من مكانه وهو يريد أن ينتهز الفرصة فقال: ادع الله أن أكون منهم يا رسول الله! فقال رسول الله: (أنت منهم يا عكاشة).
وندعو في بداية الحلقة من أجل أن يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، لا تجعل يا ربنا بيننا شقياً ولا محروماً، لا تجعل لنا في هذه الليلة العظيمة ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا شيطاناً إلا طردته، ولا مسافراً إلا رددته غانماً سالماً.
اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم زحزحنا عن النار، اللهم زحزحنا عن النار، اللهم زحزحنا عن النار، اللهم أدخلنا الجنة بدون سابقة عذاب، إن لم نكن أهلاً لرحمتك فرحمتك أهل أن تصل إلينا.
ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون، اهدنا فيمن هديت، عافنا فيمن عافيت، تولنا فيمن توليت، بارك لنا فيما أعطيت، قنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك سبحانك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لك الحمد على ما أعطيت، ولك الشكر على ما أوليت، لك الحمد على ما أعطيت، ولك الشكر على ما أوليت، لك الحمد على ما أعطيت، ولك الشكر على ما أوليت، نستغفرك ونتوب إليك، نستغفرك ونتوب إليك، نستغفرك ونتوب إليك، نستغفرك ونتوب إليك، نستغفرك ونتوب إليك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، أنت القوي ونحن الضعفاء إليك، أنت القوي ونحن الضعفاء إليك، أنت القوي ونحن الضعفاء إليك، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، أنت الغني ونحن الفقراء إليك.
استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك، اللهم إنا مقهورون فانصرنا، وأذلاء فأعزنا، وتائهون فأرشدنا، ومشتتون فاجمعنا، وأصحاب شهوات فتب علينا، تب على كل عاص، واهد كل ضال، واشف كل مريض، وفك كرب المكروبين، وفك أسر المأسورين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين.
اختم لنا منك بخاتمة السعادة أجمعين، لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ول أمورنا خيارنا، ولا تول أمورنا شرارنا، اصلح يا رب أحوالنا.
اللهم اجعل عن أيماننا نوراً، وعن شمائلنا نوراً، ومن أمامنا نوراً، ومن خلفنا نوراً، ومن فوقنا نوراً، ومن تحتنا نوراً، واجعل لنا نوراً، واجعلنا نوراً، واختم لنا منك بخاتمة السعادة أجمعين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وسعيد بن زيد رضي الله عنه، كان من الصحابة الذين عاشوا بأقدامهم وأجسادهم في الدنيا، ولكن قلوبهم كانت مع الله ليل نهار، كانوا رهبان الليل فرسان النهار، نصراء لدين الله ولرسول الله ولكتاب الله حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً.
اطلع الله على قلوب عباده، فوجد أصفاها وأنقاها قلب الحبيب المصطفى، فاختاره ليكون للعالمين بشيراً ونذيراً وخاتماً للنبيين، ثم اطلع على قلوب خلقه فرأى أنقى وأصفى قلوباً بعد قلب الحبيب المصطفى قلوب صحابته، فجعلهم هداة يهدون إلى الحق وإلى سواء السبيل.
وأعظم الصحابة وأفضلهم العشرة المبشرون بالجنة، الذين منهم سعيد بن زيد زوج فاطمة بنت الخطاب وكانا السبب في دخول عمر بن الخطاب الإسلام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من الدنيا وما فيها) فكيف بمن كان سبباً في هداية عمر بن الخطاب؟