سأل الحسن البصري شخص: أريد أن أعرف مكانتي عند الله، أو ما لي عند الله؟ قال: انظر ما لله وما مكانته عندك، تعرف ما لك عند الله ومكانتك عنده.
إذاً: إن أردت أن تعرف مكانتك عند الله، فانظر مكانة الله عندك، وانظر مكانة الدين عندك، فلو كان الدين عندك كل شيء فأنت عند الله كل شيء، ولو أن الدين عندك آخر شيء، فتحضر الدرس مرة واحدة! وأيامك ضائعة، فأنت عند الله بحسبك، وهناك من الناس من قضى ثمانية عشر أو عشرين عاماً في طلب العلم ونحوه من الخير، فلا يظن هؤلاء أنهم أضاعوا أعمارهم، فاللهم اجعله في ميزان حسناتهم وحسناتنا يا رب العالمين، ومن الناس من يضيع وقته فيما لا يرضي الله عز وجل، فاللهم اهدنا جميعاً، واحشرنا في زمرة الصالحين.
أحد الفنانين - وقد تاب ربنا عليه- بقي أربعين سنة في الفن ثم هداه الله، وجاء تائباً قد اعتزل الفن، فجاء يزورني، فبينما هو جالس لمح شيئاً غريباً، فقال لي: ما هذه الأشرطة التي في هذا الدولاب؟ فقلت: إخواننا الله يبارك فيهم يأتون لنا بنسخ من الكلام الذي نقوله، ممكن تنفع بعد ذلك أو نجلس نسمعها ونستفيد منها ويستفيد منها الغير، فقال: كم عددها؟ قلت: ثلاثة آلاف شريط، فقال: كم المدة؟ قلت: ساعة ونصف، قال: يعني: خمسة آلاف ساعة كلام في ذكر الله، وأنا عشت أربعين سنة بكلام في غير مرضاة الله، قلت له: لا، بالعكس، أنت أعظم عند الله مني، لماذا؟ لأن العبد عندما يتوب يبدل الله سيئاته حسنات، فمن كانت سيئاته كثيرة تصير حسناته يوم القيامة أكثر، لكن بشرط التوبة.
وأعظم إنسان من يتوب ربنا عليه، قال عليه الصلاة والسلام: (عاشروا التوابين فإنهم أرق أفئدة) اجلس مع التواب، تجده يبكي ويخشع، ويتردد على دروس العلم ومجالس الذكر، ذا قلب رقيق، وهذا واجب على كل مدرس للعلم، أي: أن يعلم رقة القلب، اللهم رقق قلوبنا بالعلم وبالخشية منك يا رب العالمين.