أحمد الله رب العالمين، حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده، وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد: هذه بمشيئة الله عز وجل هي الحلقة العشرون في سلسلة حديثنا عن الدار الآخرة أو عن الموت وما بعده، وهي الحلقة الثالثة عن النار والعياذ بالله منها، أبعدنا الله وإياكم والمسلمين جميعاً عن النار، وعن حرها، وأدخلنا وإياكم والمسلمين الجنة بدون سابقة عذاب.
ندعو الله في بداية هذه الحلقة عسى أن يكون بيننا صالح أو صالحة يستجيب الله من أجله أو من أجلها دعاءنا، فاللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل يا ربنا بيننا شقياً ولا محروماً.
اللهم إنا نعوذ بك من سخطك والنار، ونسألك رضاك والجنة، اختم لنا منك بخاتمة السعادة أجمعين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد: الحديث عن النار -والعياذ بالله- حديث تنخلع له القلوب وتوجل منه وتخاف، والحديث عنها وما فيها حديث كان يفرق منه الحبيب ويخاف وهو المعصوم صلى الله عليه وسلم، وهذا دليل على أن الأمر ليس سهلاً ولا هينا، ولا الأمر أنا نأتي إلى المسجد لنحضر حلقات أو دروس الدار الآخرة وننفض كما جئنا، بل المسألة أكبر من ذلك وأخطر وأهم، فما من نبي أو رسول إلا خوف وحذر أهله وقومه من النار، ولعل سيدنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو أرحم الأمة بالأمة، وأرحم من على وجه الأرض بأمته، لم يترك مناسبة يستطيع أن يوضح فيها الخطر المحيط بالمسلمين من مسألة النار وما فيها إلا وبينه وحذر أتباعه وأحبابه منه.