وهناك نصوص وأحاديث يحدثنا فيها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عن الذين يذادون عن حوضه أي: يمنعون عن حوض الكوثر والعياذ بالله! وهؤلاء ثمانية أصناف: الصنف الأول: المرتد عن دين الله، وهذا مثاله كأن تأتي امرأة متبرجة فتقول لها: يا أمة الله! تحجبي الحجاب واجب، فتقول: ومن قال لك إنه واجب؟! فتقول: الله أمرنا بذلك في آيات من سورة الأحزاب والنور، فتقول: حتى ولو أمرنا الله فأنا أنكر هذا الحجاب، فهذه مرتدة عن دين الله، وإن نطقت بالشهادتين، وإن صلت وصامت، وإن زكت وحجت، فهي مرتدة.
كذلك إنسان لا يأتي ليصلي الجمعة فتقول له: يا أخي! اتق الله لماذا لا تصلي الجمعة؟ الله أمرنا بها ورسوله، فإن قال: والله يا أخي أنا أحياناً أسأل الله أن يهديني فادع لي بالهداية، فهذا مسلم عاص، وكذلك المرأة التي لا تتحجب وتقول: أسال الله أن يهديني للحجاب، فهذه مسلمة عاصية، لكن عندما يرفض ويرد الأمر على الآمر فهذا مرتد، وأقيس على هذا الأمر كل من يرد أمراً معلوماً من الدين بالضرورة، فإذا رده الإنسان على الله عز وجل فهو مرتد عن دين الله عز وجل والعياذ بالله! كذلك الذي يقول: لماذا نرجم الزاني ونقطع يد السارق، ونقتل القاتل، ونجلد شارب الخمر ثمانين جلدة؟ هناك بديل لهذه الحدود وهو السجن كل حسب جرمه أربعين سنة أو خمسين سنة ويكفي، فهذا كذلك مرتد! الصنف الثاني: المحدث في دين الله ما لم يأذن الله به، الذي يبتدع في الدين بدعة جديدة ليست موجودة، والمراد بهم أهل البدع.
ومن هذه البدع الموجودة؛ زخرفة المساجد، وتحلية المصاحف بالذهب والذكرى السنوية بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك قراءة آية الكرسي جهراً بعد كل صلاة، والعتاقة للميت، يقول لك: هذا يقرأ له المصحف عشرة آلاف مرة حتى يعتق من النار، من أراد أن يعتق من النار فليخف دائماً من العزيز الجبار، ولا ينسى صولة القهار، وليعد نفسه قبل أن يقف أمام الرحيم الغفار، هذا هو الفعل الذي يعتقها، أما العتاق فهو محدث في دين الله لم يأذن الله به.
الصنف الثالث: من خالف جماعة المسلمين، يدخل عندك يقول: هذا الشيخ يكفر الحاكم أم لا؟ فتقول: لا، فيقول: إذاً أنا لا أصلي وراءه، وهناك فرقة في مصر تعتقد أنه لا يصلى في مساجد الحكومة لأنها مساجد ضرار يجب أن تهدم، وهذا يعني أننا لا نصلي، ويقول قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من خالف الجماعة فاقتلوه) من خالف جماعة المسلمين من الفرق القديمة، ومن على شاكلتهم في الحديث، كالخوارج، والإسماعيلية، والإباضية، وكل هذا الكلام سفسطة.
الصنف الرابع ممن يطردون عن الحوض: الظالم المسرف في ظلمه وجوره، يوجد أناس ظلمة كبار في الدولة وفي غير الدولة.
الصنف الخامس: أناس قاتلوا أهل الحق، وقتلوا الدعاة، والعلماء، والذين يقتلون من يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، هؤلاء من الذين يمنعون ويطردون عن الحوض يوم القيامة.
الصنف السادس: المجاهرون بالكبائر، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا بليتم فاستتروا) فلا تجاهر بالمعصية، وعندما يسترك الله وتصبح الصبح تجاهر بالمعصية؛ فإذا فضحت نفسك فضحك الله على رءوس الأشهاد يوم القيامة، فالمجاهر بالكبيرة سيمنع من ورود الحوض يوم القيامة.
الصنف السابع: وكذلك المستخف بالمعاصي، كمن يأتي في العرس برقاصتين وثلاث مغنيات وفرقة إنشاد، ويقول لك: الأمر سهل، الصحابة رضي الله عنهم كان الواحد منهم إذا تخلف عن تكبيرة الإحرام خلف رسول الله عزاه الصحابة في يومه، وإذا فاتته صلاة الجماعة كلها مع الرسول عزاه الصحابة ثلاثة أيام كأنما مات له ميت.
يقول تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان:6] قال ابن مسعود: والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء.
وبعضهم اشترطوا في الأغنية ألا تصاحبها آلات وترية، وألا يغني رجل أمام نساء، ولا امرأة أمام رجال، وأن تكون كلماتها تحث على الفضيلة، وحسن الخلق، والقرب من الله، والدفاع عن الأرض، والعرض، والوطن، والدين، فعندما تجد أغنية بهذا الشكل فأنا أول السامعين معك.
والإنسان الذي يستخف بالمعاصي والعياذ بالله رب العالمين يموت على ما شاب عليه، وذكرنا أنه في زمن الإمام الغزالي رضي الله عنه حدث أن رجلاً كان طوال حياته يلعب الشطرنج، وكلهم يقولون له: قل: لا إله إلا الله، عند سكرات الموت، وإذا به يقول: كش ملك، كش ملك! وذكر الغزالي: أن رجلاً كان يعمل سمساراً طوال حياته في السمسرة فقيل له عند الموت: قل: لا إله إلا الله، وكان رجلاً فارسياً فقال: ده ده، يعني: عشرة خمسة عشرون إلخ.
الصنف الثامن: أهل البدع الذين يزيدون في الدين.
هؤلاء هم الثمانية الذين يمنعون من الحوض والعياذ بالله يوم القيامة، فاللهم أوردنا حوض نبيك يا رب العالمين.
ثم بعد موقف الحوض ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم قصة رجلين أمرهما رب العباد سبحانه أن يقذفا بأنفسهما في النار، فصار أحدهما منفذاً لأمر الله، فلما قذف نفسه في النار إذا بها تكون برداً وسلاماً عليه؛ لأنه نفذ أمر الله، وجعل الآخر يلتفت قال له الله عز وجل: عبدي! لم التفت قال: رجاء رحمتك يا رب! قال: أدخلوه الجنة.
هكذا عشنا ست عشرة حلقة إلى أن بلغنا الحوض، فاللهم اجعل مآلنا إلى جنة رضوانك يا رب العالمين! جزاكم الله عنا خيراً، وبارك الله فيكم، وشكر الله لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.