القنطرة الثانية: قنطرة الصلاة.
ما حالنا مع الخشوع في الصلاة؟! ليس لابن آدم من صلاته إلا ما وعى منها وما عقل منها.
يقول الله تعالى: (يا موسى؛ لا أستجيب لعبد لسانه معي وقلبه مع غيري).
قام الحبيب صلى الله عليه وسلم الليل كله بآية يرددها ويبكي، وهي قوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118] ولا يزال يكررها حتى أذن بلال للفجر، فمن منا الذي يتدبر هكذا؟! ويقول عليه الصلاة والسلام: (اقرأ علي يا ابن مسعود، قال له: يا حبيب الله أأقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: أريد أن أسمعه من غيري، فقرأ من أول سورة النساء حتى وصل قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء:41] فقال: كفى كفى يا ابن مسعود، والدموع تسيل على خده، ثم قال: من أراد أن يسمع القرآن غضاً كما أنزل فليسمعه من عبد الله بن مسعود).
ويمر المار في شوارع المدينة في الليل فيسمع لبيوت الصحابة دوياً كدوي النحل.
من أين؟ من التلفزيونات أم من ذكر الله وقيام الليل؟! وهذا سيدنا عطاء بن أبي رباح دق على صاحب له قبل الفجر بساعتين، فقالت له الجارية: إنه نائم، فقلب كفه فقال: عجباً لقوم ينامون في السحر وهو يسمعون كلام الحبيب صلى الله عليه وسلم: (إن ربكم ينزل كل ليلة في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا ويقول: هل من داع فأستجيب له، هل من مستغفر فأغفر له، هل من صاحب حاجة فأقضيها له، هل من كذا هل من كذا حتى يطلع الفجر) كان يتعجب ويقول: لا أظن أن أحداً ينام هذا الوقت.
إذاً: القنطرة الثانية: قنطرة الصلاة، هل أديتها بخشوع وخضوع وإخبات لله وإخلاص نية أم كنت تذهب إلى الجامع لكي يقول الناس: كان فلان يأتي الجامع وكان يحضر الدرس معنا؟ لا، نريد أن تأتي للجامع لله.
يقول سبحانه: انظروا عبدي هل أدى الصلاة كاملة؟ فإن كانت كاملة حملت وسائر عمله، وإن كانت ناقصة ردت وسائر عمله.
كذلك من أكثر من النوافل المؤكدات، ومثل: ركعتين في جوف الليل، وركعتي الضحى، يأتي الحبيب صلى الله عليه وسلم فيأخذ بيده فيشفع له بدخول الجنة، فيكون قد مر من القنطرة الثانية ويأتي إلى القنطرة الثالثة، نجح وفاز في التوحيد ونجح وفاز في الصلاة.