وهل هناك من يشفع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ نعم، الأنبياء على منابر تحت العرش من نور يوم القيامة، وبجانبهم منابر للعلماء العاملين، العالم العامل بعلمه على منابر أقل من منابر الأنبياء، ولهم شفاعة أيضاً، ثم الشهداء، وقراء القرآن العاملون به، والمؤذنون المحتسبون لوجه الله، والمؤذنون هم أطول الناس أعناقاً يوم القيامة، ويد الله على رأس المؤذن حتى يفرغ من أذانه، وإذا أذن المؤذن لا يسمعه إنس ولا جن ولا شيء من المخلوقات حتى الحيتان في بحارها، والحشرات في هوائها إلا ويشهدون ويستغفرون له يوم القيامة، وكذا يصلون على معلم الناس الخير من أمة محمد، والذي يؤذن ويحتسب أذانه يفرح وينبسط.
إذاً: فهناك يوم القيامة شفاعات غير شفاعات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالعالم العامل يشفع، وكذا الشهداء، ثم الصالحون، ومن الصالح؟ هو كل إنسان في الدنيا يسير على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أن يشفع في سبعين من أهله وجبت لهم النار، وكل واحد من هؤلاء يشفع على قدر إيمانه، فيشفع المؤمن في الرجل والرجلين، وفي العشيرة والعشيرتين، وفي القبيلة والقبيلتين، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم: (أكثروا من الأخلاء الصالحين، فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة) يعني: أنت دللت صاحبك على خير كأن قلت: يا فلان! لو تحضر درساً علمياً في المكان الفلاني، ثم تأخذه إليه، ثم تراه وقد سبقك إلى الدرس الجديد والقديم، ثم انقطعت عن الدرس، فيأتي الثاني يوم القيامة الذي انقطع عن الدرس وضحكت عليه الدنيا، وفتن بها، يرى صاحبه الذي واظب على الدرس أخذ به إلى الجنة، وأخوه الذي دله على الخير في النار، فيقول أخوه المسلم المواظب: يا رب! فلان هذا، لقد أخذ بوجهي إلى الخير فشفعني فيه، أي: هذا الرجل دلني على الخير، فخذ بيد أخيك وانتشله من جهنم، ادخلا الاثنان الجنة.