إن أول ما يقضى فيه يوم القيامة الدماء والصلاة، يؤتى بالمقتول الذي قتل سواء الشهداء أو من قتل زوراً وظلماً أو قتل بحق، فيقال له: من قتلك؟ يقول: قتلني فلان ابن فلان، فيؤتى بالقاتل فيقال له: لم قتلته؟ فيقول: يا رب! قتلته لتكون كلمتك هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، فيقول الله: (صدق عبدي، ادخلوا هذا القتيل إلى النار) هذا عندما يكون القاتل يقاتل في سبيل الله.
ويؤتى بآخر فيقال له: لم قتلته؟ يقول: لتكون العزة لي أو لمن أمرني، إذاًَ: قتله لأنه أمر بقتله، قال الله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} [البقرة:166] فيفر المتبوع من التابع، فيقول التابع: يا رب! خذ لي حقي من هؤلاء، وهات لهم ضعفاً من العذاب، قال: لكل ضعف.
فأول ما يقضى بين العباد في الدماء، فيؤتى بأول قاتل سنَّ القتل، قال تعالى: {لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [المائدة:28 - 30]، وبعدما قتله احتقر نفسه: {قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة:31].
قال: (من رفع على أخيه حديدة لن يشم رائحة الجنة يوم القيامة).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخرج القتيل من قتله يشخب جرحه دماً، يقول: يا رب! سل هذا لم قتلني؟).
ويقال: هناك قتل مادي وقتل معنوي، فهناك أناس يقتلون الناس معنوياً، فمن الرجال من يتتبع امرأته ويضيق عليها عيشها حتى تكره جنس الرجال، ومن النساء من تقتل زوجها معنوياً حتى يكره صنف النساء، وكلاهما قتل أخاه، وسيحاسبه الله يوم القيامة على أنه قاتل قتلاً معنوياً، فقد قتل فيه الكرامة الإنسانية.
قال صلى الله عليه وسلم: (لا تضرب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته)، فمن لطم وجه مسلم فكأنما لطم وجه الكريم سبحانه، وحاذر من ذلك، فأول ما يقضى يوم القيامة في الدماء، ثم يقضى في الصلاة.
اللهم خفف عنا الحساب يوم القيامة، اللهم ثقل موازيننا يوم القيامة، واجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك.
اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعف عنا، وسامحنا وتقبل منا، وصلنا بك ولا تقطعنا عنك، واجعل اللهم خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك.
أحينا إن كانت الحياة خيراً لنا، وأمتنا إن كان الموت خيراً لنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وآخرتنا التي إليها معادنا.
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك سبحانك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تبارك يا ربنا! وتعاليت، لك الحمد على ما أعطيت، ولك الشكر على ما أوليت، نستغفرك ونتوب إليك، نستغفرك ونتوب إليك، نستغفرك ونتوب إليك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، أنت القوي ونحن الضعفاء، أنت الغني ونحن الفقراء إليك.
اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك، اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك، اللهم يا من سترتنا في الدنيا! لا تفضحنا على رءوس الأشهاد يوم القيامة، اللهم تب على كل عاصٍ، اللهم تب على كل عاصٍ، اللهم تب على كل عاصٍ، واهد كل ضال، واهد كل ضال، واهد كل ضال، واشف كل مريض، وارحم كل ميت، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.