أحمد الله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده، وصلاةً وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذه بمشيئة الله عز وجل هي الحلقة السابعة في سلسلة حديثنا عن الدار الآخرة، أو الموت وما بعده، نسأل الله في بدايتها أن يجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل يا ربنا! بيننا شقياً ولا محروماً، فك اللهم الكرب عن المكروبين، وسد الدين عن المدينين، اقض حوائجنا وحوائج المحتاجين، وارحم أمواتنا وأموات المسلمين، كن اللهم بنا رءوفا وعلينا عطوفا، خذ اللهم بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك، قومنا إذا اعوججنا، أعنا إذا استقمنا، خذ بأيدينا إذا عثرنا، كن لنا حيثما كنا، اللهم كن لنا ولا تكن علينا، آثرنا ولا تؤثر علينا، انصرنا ولا تنصر علينا، اللهم لا تدع لنا في هذه الليلة العظيمة ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا صدراً ضيقاً إلا شرحته، ولا شيطاناًً إلا صرفته، ولا مسافراً إلا غانماً سالماً لأهله رددته، اجعل اللهم خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك.
نسألك يا ربنا رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك -يا مولانا- غير فاتنين ولا مفتونين، وغير خزايا ولا ندامى ولا مبدلين، إنك يا مولانا على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير.
وصلى الله وسلم وبارك على البشير النذير سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
هذه الحلقة -بمشيئة الرحمن- هي الحلقة السابعة نكمل فيها ما كان في الحلقة الماضية من علامات الساعة الصغرى، وقلنا: إننا جمعنا مئات الأحاديث وهي بعض علامات الساعة التي جاءت على لسان المعصوم الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، فجمعنا لكم ما يقرب من مائة علامة، ربما ذكرنا عناوين لبعض هذه العلامات وأنتم شهود صدق على ما ترون من صدق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام، فكل ما يقوله ليس كلاماً من عنده أو من ذات اجتهاده، وإنما هو مما علمه رب العباد سبحانه وتعالى.
وقلنا في الحلقة السابقة: إن علامات الساعة تنقسم إلى قسمين: علامات صغرى، وعلامات كبرى.
والفرق بينهما فرق مهم جداً وخطير ومخيف، فإذا ظهرت بعض أو كل علامات الساعة الصغرى فما زال باب التوبة مفتوحاً، يعني: الذي لا يصلي له أن يصلي، والبذيء اللسان له أن يتوب، والمرتشي له أن يترك الرشوة، والذي ينظر إلى المحرمات له أن يغض البصر، والذي يسمع ما يغضب الله عز وجل أن يترك سماعها، والذي تذهب رجلاه إلى أماكن محظورة له الامتناع عن ذلك، وهكذا.
أريد أن أقول: إن علامات الساعة الصغرى إذا ظهرت فما زال باب التوبة مفتوحاً، لكن يحزنني كثيراً أن كثيراً من الحاضرين والمواظبين على دروس الدار الآخرة إن كان الواحد منهم غير مواظب على الصلاة يظل أيضاً غير مواظب عليها، والمسلمة التي أتت المسجد غير محجبة أو منقبة، تخرج بعد درس العلم، وهي متأثرة قائلة: والله كلام لطيف وجميل يؤثر فينا، ثم تعود إلى سيرتها الأولى، والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهتر بربه.
والحديث عن الدار الآخرة يحرك المشاعر والقلوب القاسية، بل يلينها ويجعلها متابعة لأمر الله عز وجل، ومنيرة بكلام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]، اللهم اجعل قلوبنا من التي تطمئن بذكرك يا رب العالمين.