وقال رجل لعمر بن الخطاب: يا امير الؤمنين رأيتُ امرأةً, فعشقتُها. فقال: ذاك مالا تملك (?).
فالجواب- وبالله التوفيق- أنّ الكلام في هذا الباب لا بد فيه من التمييز بين الواقع والجائز (?) والنافع والضارّ. ولا يُسجَل (?) عليه بالذمّ والإنكار ولا بالمدح [117/ ب] والقبول من حيث الجملة (?). وإنما يتبين حكمه وينكشف أمره بذكر متعلَّقه، وإلا فالعشق من حيث هو لا يُحمَد
ولا يُذَمّ. ونحن نذكر النافع من الحبّ والضارّ والجائز والحرام.
اعلم أنّ أنفع المحبة على الإطلاق وأوجَبها وأعلاها وأجلّها محبةُ مَن جُبلت القلوب على محبته، وفطرت الخليقة على تألّهه. وبها قامت الأرضَ والسماوات، وعليها فُطِرت المخلوقات. وهي سرّ شهادة أن لا إله إلا الله، فإنّ "الإله" هو الذي تألَهه القلوبُ بالمحبة والإجلال والتعظيم والذلّ والخضوع، وتعبدُه. والعبادة لا تصحّ إلا له وحده، و"العبادة" هي كمال الحبّ مع كمال الخضوع والذلّ. والشركُ في هذه العبودية من أظلم الظلم الذي لا يغفره الله. والله تعالى حيث لذاته من
جميع الوجوه، وما سواه وإنّما يُحَبّ تبعَا لمحبته.