فيه! وهؤلاء -مع فرط جهلهم وضلالهم- متناقضون، فإنّ طردَ مذهبهم يُوجِب تعطيلَ جميع الأسباب.
فيقال لأحدهم: إن كان الشبع والريّ قد قُدِّرا لك فلابد (?) من وقوعهما، أكلت أو لم تأكل. وإن [6/ أ] لم يقدّرا لم يقعا، أكلتَ أو لم تأكل.
وإن كان الولد قدّر لك فلابد منه، وطئتَ الزوجة والأمة (?) أو لي تَطأ. وإن لم يقدّر لم يكن، فلا حاجة إلى التزوّج والتسرّي. وهلمّ جرّا.
فهل يقول هذا عاقل أوآدمي؟ بل الحيوان البهيم مفطور على مباشرة الأسباب التي بها قوامه وحياته. فالحيوانات أعقل وأفهم من هؤلاء الذين هم كالأنعام، بل هم أضلُّ سبيلا.
وتكايس بعضهم، وقال: الاشتغال بالدعاء من باب التعبد المحض، يثيب الله عليه الداعي، من غير أن يكون له تأثير في المطلوب بوجه ما.
ولا فرق عند هذا (?) الكيّس بين الدعاء وبيّن الإمساك عنه بالقلب واللسان في التأثير في حصول المطلوب، وارتباطُ الدعاء عندهم به كارتباط السكوت، ولا فرق.
وقالت طائفة أخرى أكيَسُ من هؤلاء: بل الدعاء علامة مجردة نصبها الله سبحانه أمارةً على قضاء الحاجة. فمتى وُفّق العبد للدعاء كان ذلك علامة له وأمارة على أنّ حاجته قد قُضيت. وهذا كما إذا رأينا غيمًا