وأما الصبور الذي ليس الذريع فالذي ليس بالسرج اليدين ولم تفرط قوائمه في الطول ولم يخنس بها ضعف يخذله ولا يخذله ولا فخذه في العظم وإلا ذرعه في الطول والعبالة وهما حسنتان ولم يبلغ بهما ذلك عف فيخذله وتجتمع إذا احضر وإلا تنتشر قوائمه وهو شنج النسا شديد النفس رحيب المتنفس فذلك يصبر ولا يبلغ قدر الذريع في الجري - فأن لان تمكن وطالت قوائمه وعنقه وذراعاه وعظمت فخذاه كان اذرع له ولا يزداد من هذه الخصال شيئا إلا ازدادت ذراعته على قدر ذلك - فأن تمت فيه هذه الخصال كلها ذراعته وكلما افرط سائر خلقه كان اذرع له صبر وأملك الأشياء بهن الصبر.
وأفضلهن الصبور الذريع الذي يذرع الخيل - وصفة الذريع الذي لا صبر له من الخيل التي تطول عنقه وذراعاه وتعظم فخذا وتطول قوائمه وتلين ولا يساعده بقية خلقه إذا احتاج إلى الصبر - يكون شديد الخلق ليس بشديد النفس ولا يصبر أو يكون شديد الخلق ليس بشج النسا ولا شديد الكعب فإذا احتاج إلى الصبر عند طول الجري استرخت رجلاه فلم تنقبضا له ولم يشتد ضرحه بهما فلا يصبر - وصفة ملا صبر له ولا ذراعة فهو المنشال الخلق القبيحة الصفة الساقط النفس الضيق المتنفس المسترخي الأنساء هذه الخصال لا تكون واحدة منها في فرس إلا خذلته عن الصبر - فإذا اشتدة خلقه وشنج حسنة صفته ولا بدله من رحب تنفسه فإذا ضاق منخراه فأن الحيلة فيه شقهما لئلا يتراد نفسه فيجوفه حتى يقطعه وإذا كان شديد الخلق رحب المتنفس ليس بالشديد النفس أنرى النزوة أو الثنيتين لتشتد نفسه ويخرج فوائده ويستدل على شدة نفس الفرس بشهومته إذا هجته وطموح بصره وشدة نظره وبعد مدى طرفه وحدته، وإذا تفرست في فرس فلا تعجلن بالمقالة حتى تنظر إليه في حالاته كلها ثم تنظر إليه قائما تأمل عظامه عظما عظما ثم تنظر إليه معنقا ومحضرا فأن من الخيل ما يكون قائما حسن العظام فإذا العنق تغيرت عظامها عن حالها التي كانت عليها وهو قائم وزالت عن مواضعها وماجت وذلك من رخاوة مركبها - وقد يكون الفرس حسنا معنقا فإذا تقرب تغير عن حاله معنقا - ومنها ما يكون مقربا حسناً فإذا احضر تغير عن حاله مقربا فان تم عندك على ما وصفت لك من هيئة في عظامه وتقريبه وحضره فهو الجواد الأفق - ولا يعد الرجل فائلا) مخطئا (حتى ينظر إليه في خلاله كلها وحالاته فأن اخطأ بعد ذلك فهو فائل غير فارس ولا تفرسن في هجين ولا خارج من ماء ولا مستن ولا مهر صغير يرضع - فأما صفة الخارج من الماء فأنه تطمئن شعرته وتلصق بجلده ويعلو لحمه وتتر عظامه وتظمأ فصوصه ويسهل وجهه ويحسن منه ما كان قبيحاً قبل ذلك.
وأما المستن فأنه يتشرف وينتصب وتبدو غروره وتعلو رؤوس عظامه ويكتار بذنبه وينصب أذنيه ويسمو طرفه ويلعب في سننه ويستبقى نفسه فلا يتعبها ولا يبقى من حضر لفضل ما فيه من الجري على غير حاله ساكناً وقائما صعنقا ومتعبا - وأما لمهر الصغير الذي يرضع فأنه يتغير، يقبح منه ما كان حسنا ويحسن منه ما كان قبيحا يكون فيه من العظام ما يستحب قصره أو طوله أو عرضه أو رحبه وما يكره طوله أو عرضه أو قصره فيقبح من الحسن ويحسن منه القبيح أو يزداد قبحا أو حسنا فأما الفراسة فيه على الظن ما يرى من خلقه إلا في الحالة التي هو فيها من تفضيله على ما هو في سنه من المهارة في الحالة تلك أدنى ما يتفرس فيه إذا تجثن وغلظ وركبه لحم العلف وذهب عنه لحم الرضاع.
وأبين الفراسة في المهر أن تفرس في أخذه الجري إذا أخذا فأنه يأخذ على صفته التي خلق عليها وإليها يؤول فإذا احسن الأخذ على ما وصفت فهو جواد - وربما تغير اخذ أحدهما إذا ركب حتى يقبح آخذه ولا يكون إلا من ضعف فيه لم يبلغ مدى قوته فربما لم يجر جذعا وجرى رباعيا وربما لم يجر رباعيا وجرى قارحا حتى تجتمع له قوته فهي في ذلك تختلف، ويعرف ضعف الضعيف منها بتلويه تحت فارسه وعجزه وفترته إذا نزل عنه صاحبه وهو حسن العظام يصدق آخذه قبل ذلك.