لأَنهم قد انحازوا بدار مُنْفَرد حكمهَا عَن الْجَمَاعَة، فَلم يبْق لأهل الْعدْل بهم نصْرَة، وَلَا للمأسور مَعَهم قدرَة، وعَلى أهل الِاخْتِيَار فِي دَار الْعدْل أَن يعقدوا الْإِمَامَة لمن ارتضوه لَهَا. . فَإِن خلص المأسور لم يعد إِلَى الْإِمَامَة لِخُرُوجِهِ مِنْهَا أهـ (ص 19، 20) .
وَمن الْمَعْلُوم أَن كل هَذَا التَّفْصِيل فِي الإِمَام الْحق المستجمع للشروط الْقَائِم بالواجبات، وَأما إِمَامَة التغلب فَكلهَا تجْرِي على قَاعِدَة الِاضْطِرَار الْمُتَقَدّمَة (رقم 11) . .
وَمَا ذكره من انعزال الإِمَام بِالْفِسْقِ قد اخْتلف فِيهِ، وَالْمَشْهُور الَّذِي حَقَّقَهُ الْجُمْهُور أَنه لَا يجوز تَوْلِيَة الْفَاسِق وَلَكِن طروء الْفسق بعد التَّوْلِيَة لَا تبطل بِهِ الْإِمَامَة مُطلقًا وَبَعْضهمْ فصل: قَالَ السعد فِي شرح الْمَقَاصِد وَإِذا ثَبت الإِمَام بالقهر وَالْغَلَبَة ثمَّ جَاءَ آخر فقهره انْعَزل وَصَارَ القاهر إِمَامًا. . وَلَا يجوز خلع الإِمَام (أَي الْحق) بِلَا سَبَب، وَلَو خلعوه لم ينفذ، وَإِن عزل نَفسه فَإِن كَانَ لعجز عَن الْقيام بِالْأَمر انْعَزل وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَنْعَزِل الإِمَام بِالْفِسْقِ وَالْإِغْمَاء وينعزل بالجنون وبالعمى والصمم والخرس وبالمرض الَّذِي ينسيه الْعُلُوم. . (ص 272 ج 2) . .
وَقد اسْتدلَّ من قَالَ يخلع بالْكفْر دون الْمعْصِيَة بِحَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت فِي الْمُبَايعَة عِنْد الشَّيْخَيْنِ قَالَ: دَعَانَا النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخذ علينا أَن بَايعنَا على السّمع وَالطَّاعَة فِي منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا وَألا ننازع الْأَمر أَهله
" إِلَّا أَن تروا كفرا بواحا عنْدكُمْ من الله فِيهِ برهَان "
وَقد ذكر الْحَافِظ فِي شرح قَوْله " إِلَّا أَن تروا كفرا بواحا " رِوَايَات أُخْرَى بِلَفْظ الْمعْصِيَة وَالْإِثْم بدل الْكفْر ثمَّ قَالَ: وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عبد الله عِنْد أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم من رِوَايَته عَن أبي عبَادَة " سيلي أُمُوركُم من بعدِي رجال يعرفونكم مَا تنكرون، وَيُنْكِرُونَ عَلَيْكُم مَا تعرفُون. فَلَا طَاعَة لمن عصى الله " وَعند أبي بكر