الْأَصَابِع على الْأَشْيَاء مثلا. وَمن أَرَادَ التَّفْصِيل فَعَلَيهِ بالمنار وَتَفْسِيره.
فَلم يبْق بعد هَذَا الْبَيَان على إجماله من عذر لغير الْمُسلمين إِذا كَرهُوا إحْيَاء الشَّرِيعَة الإسلامية العادلة لمحض التعصب الْأَعْمَى أَو لتفضيل تشريع الْأَجَانِب على تشريع من يشاركهم فِي وطنهم. وَلَيْسَ من الْحق وَلَا من الْعدْل أَن تكلّف أمة ترك منقبة التشريع الفضلى، وَمثل هَذِه الْحُكُومَة المثلى، إرضاء لفئة قَليلَة لَا مصلحَة لَهَا فِي تَركهَا، وَإِنَّمَا تكرهها لمحض التعصب على السوَاد الْأَعْظَم من أهل وطنها، وناهيك بِمَا تأرث من الأضغان بَين مُسْلِمِي الأناضول وَالروم والأرمن الَّذين خَرجُوا على التّرْك فِي زمن محنتهم وساعدوا أعداءهم عَلَيْهِم فِي حربهم.
وموضوع الْكَلَام فِي إِقَامَة الْخلَافَة فِي هَذِه الْبِلَاد التركية، فَإِذا رَضِي التّرْك بذلك وعاملوا هَؤُلَاءِ الجناة الْبُغَاة بِعدْل الشَّرِيعَة ورحمتها فَلَا يعقل أَن يكرهوا ذَلِك ويفضلوا عَلَيْهِ غَيره إِن كَانُوا يعْقلُونَ، وَإِنَّمَا أخْشَى أَن يكون هَذَا الْأَمر نَفسه مِمَّا ينفر كثيرا من التّرْك عَن إِقَامَة الشَّرِيعَة الَّتِي تحرم عَلَيْهِم أَن يتبعوا الْهوى فِي مُعَاملَة أَقوام أُولَئِكَ الجناة القساة الَّذين خربوا دِيَارهمْ بالنَّار والبارود، وهم يرونها بأعينهم أكواما من الرماد والأنقاض.
وَهَذِه حكومات جَزِيرَة الْعَرَب إسلامية مَحْضَة لَيْسَ فِيهَا قوانين وضعية وَلَا تشريع أوربي، وأقدمها حُكُومَة أَئِمَّة الْيمن، وهنالك كثير من الْيَهُود وهم راضون عَن حُكُومَة الْإِمَامَة الشَّرْعِيَّة لم يشكوا مِنْهَا ظلما وَلَا هضما، وَلم يفضلوا عَلَيْهَا حُكُومَة أُخْرَى، وَلَو سرى إِلَيْهِم سم السياسة الاستعمارية من طَرِيق التَّعْلِيم أَو غَيره لأفسدوهم على حكومتهم، وأثاروهم عَلَيْهَا لطلب وَطن قومِي لَهُم فِي الْبِلَاد وَلَو عدهم نافثوا السم فِي أَرْوَاحهم بالمساعدة على ذَلِك حبا فِي الإنسانية أَي حبا فِي إِفْسَاد الإنسانية وإثارة الْبغضَاء بَين الْمُخْتَلِفين فِي الدّين وَالْجِنْس أَو اللُّغَة بَعضهم على بعض ليتمكنوا من استبعاد الْجَمِيع. {فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار}