لحكمه، ونود أَن يقوم بِالْحَقِّ بِقدر طاقته، فَكَانَ جزاؤنا على مثل هَذَا الاقتراح منع الْمنَار أَن يدْخل الْبِلَاد العثمانية، وإيذاء أهلنا وأصدقائنا فِي الديار السورية.
وَلَا غرو فَذَلِك الْخَلِيفَة نَفسه كَانَ جَاهِلا بأصول الدّين وفروعه وَبِمَا يصلح بِهِ حَال الْمُسلمين وَيفْسد، وأعوانه جهلاء وَأَصْحَاب أهواء، فهم لَا يبلغونه أَمْثَال تِلْكَ الاقتراحات وَإِذا ذكروها لَهُ شوهوها، وَجعلُوا حَقّهَا بَاطِلا، وصلاحها فَسَادًا، وَهُوَ يُصدقهُمْ وَلَا يطمئن لخَبر غَيرهم، وفاقد الشئ لَا يُعْطِيهِ.
وَجُمْلَة القَوْل أَن الْجَهْل الْغَالِب على أَكثر الْمُسلمين والتعصب المذهبي المفرّق للكلمة بَين المتعلمين للدّين مِنْهُم لَا يُمكن تلافي ضررهما فِي زمن قصير إِلَّا بِإِقَامَة خلَافَة النُّبُوَّة على وَجههَا الَّذِي لَا يسهل على أحد أَن يُمَارِي فِيهِ مراء ظَاهرا، وَيَكْفِي أَن يعْتَقد صِحَّتهَا السوَاد الْأَعْظَم من الْمُسلمين لموافقتها لمذاهبهم وهم المنتمون إِلَى مَذَاهِب أهل السّنة والزيدية من الشِّيعَة والأباضية من بقايا الْخَوَارِج، وَهَؤُلَاء إِذا كَانُوا لَا يشترطون فِي الإِمَام مَا يَشْتَرِطه أهل السّنة والزيدية من النّسَب فهم لَا يشترطون عَدمه، وَمَا لنا لَا نتحرى فِيهِ الْمَذْهَب الَّذِي يسْتَلْزم غَيره كاستلزام مَذْهَب الزيدية لمذاهب السّنة والخوارج استلزام الْأَخَص للأعم والمقيد للمطلق؟
إِن هَذَا لَهو القَوْل الْحق الَّذِي تقوم بِهِ المصحلة الإسلامية الْعَامَّة وَمَا عداهُ مِمَّا يقبله أَتبَاع كل ناعق بباعث السياسة الْحَاضِرَة فَهُوَ غثاء، وسيذهب جفَاء، وَمِنْه يعلم أَن مَا قَرّرته حُكُومَة أنقرة بَاطِل فِي نَفسه، وَلَا يُفِيد الْعَالم الإسلامي أقل فَائِدَة، بل قد كَانَ سَببا مُنْذُ الْآن لشقاق فِي الشّعب التركي الَّذِي يرجح جمهوره الْهِدَايَة الإسلامية، على نظريات القوانين والتقاليد الإفرنجية، فَإِن فِي مجْلِس الجمعية الوطنية حزبا كَبِيرا يرى أَن الْمصلحَة تقضى بِوَضْع الْخَلِيفَة فِي الْموضع الَّذِي وَضعته فِيهِ الشَّرِيعَة، بِأَن يكون هُوَ رَئِيس الْحُكُومَة والمنفذ للْأَحْكَام، نعم إِن حزب الْغَازِي مصطفى كَمَال باشا الْمصر على رفض كل سلطة شخصية فِي الْحُكُومَة التركية الْعليا سَوَاء كَانَت باسم الْخلَافَة أَو غَيرهَا هُوَ صَاحب الغلب فِي الْمجْلس الْحَاضِر وَلَكِن سَبَب ذَلِك تَأْثِير هَذَا الرجل وَحزبه من قواد الْجَيْش فِي الْأَنْفس بِمَا لَهُم من الْمِنَّة فِي إنقاذ الدولة من الْخطر، لَا أَن هَذَا هُوَ رَأْي الْأمة التركية. وَلَو استفتيت الْأمة استفتاء حرا لخالفت هَذَا الحزب فِي هَذِه الْمَسْأَلَة. هَذَا هُوَ الْحق.
وَسَيعْلَمُ الْعَالم الإسلامي أننا قد قمنا بِهَذَا الْبَيَان بِمَا أَمر الله تَعَالَى بِهِ من التواصي