فَانْظُرْ إلَى هَذَا الْعُمُومِ مِنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ نَظَرًا مِنْهُ إلَى رَدِيءِ الْمَفَاسِدِ الْحَاصِلَةِ بِذَلِكَ وَإِعْدَامِهَا وَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً مِنْ وِلَايَتِهِمْ وَلَا رَيْبَ فِي لُزُومِهَا فَلَا رَيْبَ فِي إفْضَائِهَا إلَى ذَلِكَ، وَمِنْ مَذْهَبِهِ اعْتِبَارُ الْوَسَائِلِ وَالذَّرَائِعِ، وَتَحْصِيلًا لِلْمَأْمُورِ بِهِ شَرْعًا مِنْ إذْلَالِهِمْ وَإِهَانَتِهِمْ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ وَإِذَا أَمَرَ الشَّارِعُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ فِي الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكَةِ فَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى هَذَا مِمَّا لَا إشْكَالَ فِيهِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ وِلَايَاتٌ بِلَا شَكٍّ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ تَفْوِيضُهَا مَعَ الْفِسْقِ وَالْخِيَانَةِ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا بِدَلِيلِ سَائِرِ الْوِلَايَاتِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ؛ وَلِأَنَّهَا إذَا لَمْ يَصِحَّ تَفْوِيضُهَا إلَى فَاسِقٍ فَإِلَى كَافِرٍ أَوْلَى بِلَا نِزَاعٍ.

وَلِهَذَا قَدْ نَقُولُ يَصِحُّ تَفْوِيضُهَا إلَى فَاسِقٍ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ مَعَ ضَمِّ أَمِينٍ إلَيْهِ يُشَارِفُهُ كَمَا نَقُولُ فِي الْوَصِيَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ إلَى كَافِرٍ فِي النَّظَرِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ أَوْ تَفْرِيقِ ثُلُثِهِ مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّ الْمُسْلِمَ الْمُكَلَّفَ الْعَدْلَ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَهِيَ مَصْلَحَةٌ خَاصَّةٌ يَقِلُّ حُصُولُ الضَّرَرِ فِيهَا فَمَسْأَلَتُنَا أَوْلَى هَذَا مِمَّا لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَأْوِيلٍ وَنَظَرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء:141].

وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ السَّبِيلِ اسْتَدَلَّ الشَّيْخُ وَجِيهُ الدِّينِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامِلًا فِي الزَّكَاةِ وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كَاتِبِ الْحَاكِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً} [آل عمران:118] (?).

وَبِقَضِيَّةِ عُمَرَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي أَوَّلِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ لَهُ: وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ يَسْتَدِلُّونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى تَرْكِ الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ فِي الْوِلَايَاتِ فَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِيَاضًا الْأَشْعَرِيَّ، أَنَّ أَبَا مُوسَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَفَدَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا , وَمَعَهُ كَاتَبٌ نَصْرَانِيُّ , فَأَعْجَبَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا رَأَى مِنْ حِفْظِهِ , فَقَالَ:"قُلْ لِكَاتِبِكَ يَقْرَأْ لَنَا كِتَابًا ", قَالَ: إِنَّهُ نَصْرَانِيٌّ , لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ , فَانْتَهَرَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وَهَمَّ بِهِ ,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015