عَنْ حَرْبِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة:33] فَإِنَّهُ يَعْنِي: يَعْمَلُونَ فِي أَرْضِ اللَّهِ بِالْمَعَاصِي مِنْ إِخَافَةِ سُبُلِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ، أَوْ سُبُلِ ذِمَّتِهِمْ وَقَطْعِ طُرُقِهِمْ، وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، وَالتَّوَثُّبِ عَلَى حُرُمِهِمْ فُجُورًا وَفُسُوقًا .. " (?)
ونخلص من هذا العرض إلى أن القتل تعزيرا يجيزه فقهاء مذهب أبى حنيفة سياسة، وأنه مشروع فى الجرائم التى لا يمكن فيها دفع شر الجانى سيما إذا كان معتادا.
وأيضا الجرائم التى تعتبر إفسادا للمجتمع وتكرر من المقترف لها الإفساد، وقد وافق على هذا الرأى من الحنابلة ابن عقيل وابن تيمية وابن القيم.
ومبدأ القتل تعزيزا مسلم به فى الفقه المالكى، كما جاء فى قتل الجاسوس والمفسد فى الأرض، وجرى بذلك قول بعض الشافعية سيما فى أحكام دفع الصائل.
ولعل فى قول عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه تحدث للناس أقضية بقدر ما يحدثون من فجور، ما يشير إلى ضرورة الأخذ بقول جمهور فقهاء المذاهب على نحو ما سبق بيانه من جواز القتل تعزيزا سياسة سيما هؤلاء المجرمين الذين يثبت احترافهم للقتل والسطو على الناس فى الشوارع والسيارات والقطارات بل وفى المنازل، وهؤلاء الذين يخطفون الأطفال والإناث متى ثبت عليهم هذا الجرم يجوز عقابهم بالقتل، باعتبارهم خطرا على المجتمع ولا يرجى صلاحهم، وباعتبار أن فعلهم مناف لمقاصد الشريعة التى تدعو لحفظ النفس والدين والعرض، وفى أقوال ابن جرير الطبرى سالفة الذكر فى تفسير آية الحرابة تأييد واضح لأقوال الفقهاء الذين أجازوا عقوبة القتل تعزيزا وسياسة.
هذا ولما كانت الجرائم المسئول عنها تمس أمن المجتمع وسلامته إذ فيها ما يهز الأمن، وفيها ترويع الأطفال والنساء والاعتداء على الأعراض التى صانها الإسلام، بل إنه حرم مجرد النظر إلى النساء الأجنبيات.
وفيها إشاعة الفوضى والاضطراب فى البلاد، وإضاعة الثقة فى قدرة الحكام على ضمان الأمن العام، فإن المجرمين الذين اعتادوا الإجرام ولا يرجى منهم التوبة، والإقلاع عن القتل والخطف والرقة والزنا، كل هؤلاء يجوز أن تشرع لهم عقوبة القتل سياسة، على أن توضع