ومما يدل على أثر السجن بصفة عامة في نفوس المجرمين الإحصائية رقم 46 من تقرير مصلحة السجون لسنة 1938 - 1939،فهي تشير إلى أن صف من في الإصلاحية تقريباً لهم سوابق في الإجرام من خمس مرات إلى عشر، وأن حوالي الثلث لهم من عشر سوابق إلى خمس عشرة سابقة، وأن الباقين تتراوح سوابقهم بين خمس عشرة سابقة وأربعين سابقة، فلو أن السجن يردع المجرمين حقيقة لما عاد المجرم للإجرام خمس مرات وعشر مرات وأربعين مرة.
وتدل الإحصائية رقم 43 من التقرير المشار إليه سابقاً على أن الذين يعودون لإصلاحية الرجال بعد خروجهم منها يزداد عددهم باستمرار, ففي سنة 1916 كانت نسبة العائدين إلى مجموع من في الإصلاحية 10.8% وفي سنة 1926 ارتفعت النسبة إلى 20.6% وفي سنة 1936 بلغت 38.7%.
ومما يدل أيضاً على أن عقوبة الحبس ليس لها أثر على المجرمين ازدياد جرائم العود سنة بعد أخرى، فقد وصلت هذه الجرائم إلى 872 جناية في سنة 1935 - 1936،ثم ارتفعت إلى 939 جناية في سنة 1936 - 1937،ثم بلغت 1023 جناية في السنة التي تليها، وجنايات العود هذه لا تقع إلا من المجرمين أرباب السوابق المتعددة.
وعقوبة الحبس غير أنها غير رادعة تؤدي إلى قتل الشعور بالمسئولية في نفس المجرمين وتحبب إليهم التعطل، فالكثير من المسجونين يقضون في السجن مدداً طويلة نوعاً ما ينعمون فيها بالتعطل من العمل ويكفون فيها مئونة أنفسهم من مطعم وملبس وعلاج، والمشاهد أن هؤلاء يكرهون أن يلقى بهم خارج السجن ليواجهوا حياة العمل والكد من جديد، وأنهم يموت فيهم كل شعور بالمسئولية نحو أسرهم بل نحو أنفسهم، فلا يكادون يخرجون من السجن حتى يعملوا للعودة إليه، ولا حباً في الجريمة ولا حرصاً عليها وإنما حباً في العودة إلى السجن وحرصاً على حياة البطالة.