لاَ يَمْنَعُ الْحَبْسُ مِنْ إِنْفَاقِ الْمَحْبُوسِ عَلَى زَوْجَتِهِ؛ لأَِنَّهُ وُجِدَ الاِحْتِبَاسُ وَالتَّمْكِينُ مِنْ جِهَتِهَا، وَمَا تَعَذَّرَ فَهُوَ مِنْ جِهَتِهِ. وَقَدْ فَوَّتَ حَقَّ نَفْسِهِ فَلاَ يَمْنَعُ الْحَبْسُ مِنَ الإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا.
وَنَصَّ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّهُ لاَ نَفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ إِذَا حُبِسَ الزَّوْجُ بِحَقِّهَا لِفَوَاتِ التَّمْكِينِ مِنْ قِبَلِهَا. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ: لاَ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَالٌ وَأَخْفَاهُ عَنْهَا (?).
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّهُ لاَ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ الْمَحْبُوسَةِ فِي دَيْنٍ وَلَوْ ظُلْمًا بِأَنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً لِفَوَاتِ الاِحْتِبَاسِ وَكَوْنِ الاِمْتِنَاعِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ.
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُمَاطِلَةً، سَوَاءٌ كَانَ الْحَبْسُ فِي دَيْنِ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ الاِمْتِنَاعَ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا، وَبِنَحْوِ ذَلِكَ قَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ (?).
وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ بَيْنَ حَبْسِ الزَّوْجَةِ الْمُقِرَّةِ بِدَيْنٍ فَلاَ نَفَقَةَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا وَبَيْنَ حَبْسِ مَنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى اسْتِدَانَتِهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ.
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ تَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِ رِدَّتِهَا (?).
إِذَا آلَى الزَّوْجُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَكَانَ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ حُسِبَتْ عَلَيْهِ الْمُدَّةُ مِنْ حِينِ إِيلاَئِهِ؛ لأَِنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ وَلَيْسَتْ مِنْ جِهَتِهَا. وَإِنْ طَرَأَ الْحَبْسُ بَعْدَ الإِْيلاَءِ لَمْ تَنْقَطِعِ الْمُدَّةُ بَل تُحْسَبُ أَيْضًا، وَهَذَا قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (?).