ولا شك في أن ما فعله هذا الزوج يعتبر ضررا بالغا، تستحق به الزوجة الطلاق منه إن كانت تريد ذلك. ولكن الذي يمكن أن يحكم بالطلاق هو القاضي الشرعي إذا ثبت عنده هذا الضرر. وقبل الحكم للزوجة بالطلاق فإنها باقية على حكم الزوجية، ولا شك أيضا في أن من حق المظلوم أن يفر من الظلم إذا لم يجد وسيلة ينجو بها غير الفرار.
وعليه، فإن موضوع هروب هذه المرأة، ينظر فيه من عدة نواح هي:
1ـ ما إذا كان في إمكانها إثبات إضرار الزوج بها لتنال بذلك الطلاق منه إن كانت تريده.
2ـ ما إذا كان في الإمكان نجاتها من المتابعات العدلية إذا أعلنت عن حقيقة ما جرى.
3ـ ما إذا كان يتوفر لها محرم يرافقها في هذا الهروب الذي تريده.
4ـ مدى خشية الفتنة في إقامتها في الدولة التي تريد الهروب إليها، فإذا أمكنها الجمع بين النجاة مما يمكن أن يلحقها من الضرر وبين عدم ارتكابها لأمر محرم، كان ذلك متعينا عليها، وإن لم يمكن ذلك فعليها أن ترتكب أخفها ضررا، لأن من قواعد الشرع ارتكاب أخف الضرين إن لم يمكن تجنبهما.
وأما إعانتها بالمال أو بغيره فيما تريده من الهروب، فإن إباحته أوعدم إباحته يتبعان لإباحة الهروب أو عدم إباحته، فإن قلنا بإباحة هروبها جاز إعانتها عليه، وإن قلنا بعدم إباحة ذلك حرم إعانتها عليه. قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2].والله أعلم. (?)
- - - - - - - - - - - -