ومنهم - كعمار بن ياسر رضي الله عنهما - من أخذ برخصة الله، وأعطى الكفار ما يريدونه من النيل من الإسلام، ومن النبي - صلى الله عليه وسلم -،مع اطمئنان قبله بالإيمان، وفيه نزل قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل:106].
والسجن وما يكون فيه من التعذيب نوع من الإكراه المعتبر عند العلماء يبيح للمسلم ترك بعض الواجبات، وفعل بعض المحرمات التي أكره عليها.
لكن الواجب أن تقدر الضرورة بقدرها، فإن أمكن دفع الضرورة بتقصير اللحية لم يجز حلقها، وإذا لم يمكن إلا بالحلق جاز له حلقها، وليؤخر ذلك ما استطاع، وهكذا يقال في تقصير الثياب، وعدم إسبالها.
وينبغي أن يُذكِّر المؤمن نفسه دائماً، بأن هذه الحال التي هو عليها حال ضرورة، ويكون صادقاً مع نفسه، فإذا ما اندفعت الضرورة عاد إلى ما أمره الله به، وصدع بالحق.
وليجتهد المسلم فيما يقدر عليه، وليبذل طاقته في ذلك، ولا حرج عليه إن شاء الله، فيما تركه خشية حصول الضرر، ولا يجوز له ترك الواجبات التي لا يضطر إلى تركها.
قال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة / 286،وقال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن /16.
ونسأل الله تعالى أن يعز الإسلام والمسلمين، ويذل أعداء الدين. والله أعلم. (?)
- - - - - - - - - - - - -