دَارٍ أَوْ جِيرَانِهَا؛ لِيَعْلَمَ مَا يَجْرِي فِي بَيْتِ جَارِهِ. نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَلَهُ أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْهِمْ بِلَا اسْتِئْذَانٍ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَسَيَأْتِي فِي بَحْثِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَيُفِيدُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ." (?)
"وَالتَّجَسُّسُ مَنْهِيٌّ إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِظُلْمٍ فِي مَالِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ عِرْضِهِ فَيَجُوزُ التَّجَسُّسُ لِدَفْعِ الظُّلْمِ وَالْخَلَاصِ مِنْ شَرِّهِ وَفِيهِ أَيْضًا وَالْمُنْكَرُ الْخَفِيُّ إذَا حَصَلَ إلَى الْمُحْتَسِبِ ظَنٌّ بِهِ بِوَاسِطَةِ الْقَرَائِنِ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى تَغْيِيرِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ هَذَا النَّهْيِ " (?)
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَضُدُ فِي رِسَالَةِ عَقَائِدِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّجَسُّسُ قَالَ الْمُحَقِّقُ الدَّوَانِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَجَسَّسُوا} وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {وَمَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ فَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ}.
وَأَيْضًا عُلِمَ مِنْ سِيرَتِهِ الْمُطَهَّرَةِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ إظْهَارَ الْمُنْكَرَاتِ الصَّادِرَةِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَيُرْشِدُهُمْ إلَى الْإِنْكَارِ كُلُّ ذَلِكَ لِكَمَالِ رَحْمَتِهِ وَعَظِيمِ أَخْلَاقِهِ وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلشُّهُودِ الْكِتْمَانُ فِي الْمَعَاصِي دُونَ الْكُفْرِ ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِدُخُولِهِ دَارَ رَجُلٍ يَفْعَلُ الْمُنْكَرَ وَقَدْ مَرَّتْ .. دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُحْتَسِبَ لَا يَتَجَسَّسُ وَلَا يَتَسَوَّرُ وَلَا يَدْخُلُ بَيْتًا بِلَا إذْنٍ وَمَا قَالُوا مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْتَسِبِ الدُّخُولُ بِلَا إذْنٍ فِيمَا إذَا أُظْهِرَ وَهَذَا فِيمَا إذَا سُتِرَ انْتَهَى مُلَخَّصًا. (?)
وقال السفاريني:" (وَ) يَحْرُمُ تَجْسِيسٌ عَلَى (مَاضِي الْفِسْقِ) أَيْ مَا يُفَسَّقُ بِهِ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي أَوْ الْفِسْقِ الْمَاضِي مِثْلُ أَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي مَضَى وَتَبْحَثُ عَنْهُ أَنْتَ بَعْدَ مُدَّةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ إشَاعَةٌ لِلْمُنْكَرِ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا عَوْدَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا هُوَ عَيْبٌ وَنَقْصٌ فَيَنْبَغِي كَفُّهُ وَنِسْيَانُهُ دُونَ إذَاعَتِهِ وَإِعْلَانِهِ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ التَّجَسُّسُ عَنْ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يُجَدِّدْ) الْعَوْدُ عَلَيْهِ وَالْإِتْيَانُ بِهِ ثَانِيًا. فَإِنْ عَاوَدَهُ فَلَا حُرْمَةَ إذَنْ.