وهذا على العموم والإجمال، وإلا فلا أحسب أن علماءنا الأجلاء وهم يقررون حكم الجاسوس المنتسب للإسلام قد تبادر إلى أذهانهم صور التجسس العصرية التي بلغت أقصى صور المظاهرة وأجلاها وأعلاها وأوضحها، وصار التجسس له أجهزته وقوانينه ونظمه ومؤسساته وقياداته وجنوده، بل إن الدول العصرية تعد أجهزة الاستخبارات أهم ركائزها وأعظم مقومات بقائها، ولهذا فهي تغدق عليها من الأموال ما لا تغدقه على وزارات دفاعها، مع أن التجسس اليوم لم يعد مقتصراً على مجرد نقل المعلومات المحضة بل كثير من الجواسيس يشاركون مشاركة فعلية وعملية -وإن بطريقة خفية- في العمليات التي تقوم بها أجهزة أمنهم وقوات شرطهم وعساكرهم وغيرها.
جاء في الموسوعة العربية العالمية: [التَّجسس مراقبة بلد أو منظمة أو حركة أو شخص. يعتمد التجسس على شبكة من الجواسيس ترسلها الحكومات والمجموعات الأخرى إلى أراضي العدو لجمع المعلومات. ويسعى الجواسيس للحصول على المعلومات العسكرية والسياسية والعلمية والإنتاجية ذات الطابع السري المهم. يتجسس الناس من أجل بلدهم أو لمناصرة قضية ما، وقد يُجبر البعض على التجسس دون رغبتهم. ويعمل الجواسيس عادة ضمن منظمات يتلقون من خلالها أوامر بإرسال معلومات معينة.
ويعتبر التجسس أحد أساليب جمع المعلومات الاستخبارية وتقوم وكالات الاستخبارات بتقييم وتفسير المعلومات الواردة من عملائها وباحثيها. أو من بعض الأجهزة الآليَّة مثل أجهزة التنصُّت الإلكترونية. وتستخدم بعض الحكومات طائرات تجسس وأقمارًا صناعية، وينتج عن هذه العملية معرفة تفيد القادة السياسيين والعسكريين في السياسات الخارجية والدفاعية.
ومع أن التجسس بوساطة الأقمار الصناعية، والرقابة اللاسلكية هو أكثر الأساليب انتشارًا ونجاحًا، إلا أن صورة العميل السري المغامر التي روَّج لها الأدب الشعبي، مازالت محط اهتمام الناس. وتتم مثل أعمال التجسس هذه خارج القانون وبدون أي اعتبار للمبادئ الأخلاقية. وقد عُرف عن بعض العملاء أنهم يلجأون لأي أسلوب لتحقيق غاياتهم؛ بما في