يعتبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما وقع من حاطب موجبا لردته، ولهذا أجمع العلماء أن المسلم إذا جَسّ على المسلمين لا يكفر، وإنما اختلفوا في قتله، وهو موضع اجتهاد].

رابعاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما أُحضِر له كتاب حاطب وقرئ عليه سأل حاطباً: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ» (?)،

وفي رواية «يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا؟» (?)،وفي رواية: «أَنْتَ كَتَبْتَ هَذَا الْكِتَابَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟» (?)

وكل هذه الروايات تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن الدافع والحامل لحاطب على فعل ما فعل، وهذا قد يفهم منه أن فعل حاطب رضي الله عنه قد تختلف دوافعه (المؤثرة) في الحكم، بحيث قد يكون بعض تلك الدوافع كفراً أكبر مخرجاً من الملة، وبعضها دون ذلك، كما قال الإمام الشافعي -رحمه الله- في هذه الجزئية: [(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -):فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ مَا وَصَفْنَا لَك طَرْحُ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ الظُّنُونِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكِتَابُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَ حَاطِبٌ كَمَا قَالَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ شَاكًّا فِي الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ فَعَلَهُ لِيَمْنَعَ أَهْلَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ زَلَّةً لَا رَغْبَةً عَنْ الْإِسْلَامِ وَاحْتَمَلَ الْمَعْنَى الْأَقْبَحَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيمَا اُحْتُمِلَ فِعْلُهُ وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْ عَلَيْهِ الْأَغْلَبَ وَلَا أَحَدٌ أَتَى فِي مِثْلِ هَذَا أَعْظَمُ فِي الظَّاهِرِ مِنْ هَذِهِ لِأَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُبَايِنٌ فِي عَظَمَتِهِ لِجَمِيعِ الْآدَمِيِّينَ بَعْدَهُ فَإِذَا كَانَ مَنْ خَابَرَ الْمُشْرِكِينَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ غِرَّتَهُمْ فَصَدَّقَهُ مَا عَابَ عَلَيْهِ الْأَغْلَبَ مِمَّا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ فَيَكُونُ لِذَلِكَ مَقْبُولًا كَانَ مِنْ بَعْدِهِ فِي أَقَلَّ مِنْ حَالِهِ وَأَوْلَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ مِثْلَ مَا قَبِلَ مِنْهُ] (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015