والتفريق بين الأمرين ظاهر بما جاء في عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَ: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ، وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ قَالَ: «هُمْ مِنْهُمْ» (?)

ورأي الجمهور أن نساء الكفار وذراريهم لا يقتلون قصداً ولكن إذا لم يتوصل إلى قتل الأباء إلا بإصابة هؤلاء جاز ذلك، وعندما أجاز الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك للصحابة لم يضع له ضوابط أخرى تفيد أنه لا يجيزه إلا لضرورة، بل حاجة المسلمين في الإغارة على الكفار بالليل تجيز ذلك رغم أنه صلى الله عليه وسلم في حروبه يبيت القوم حتى يطلع الفجر فإذا سمع آذانا وإلا أغار، فعلم من ذلك أنه بإمكان الرسول صلى الله عليه وسلم الامتناع عن الإغارة بالليل لما فيها من قتل النساء والصبيان، وجعل الهجوم بالنهار، إلا أن المصلحة تبيح ذلك.

أما لو كان المتترس بهم من المسلمين فلا يجوز ذلك بحال إلا إذا أفضى الامتناع إلى تضرر عموم المسلمين والمجاهدين بترك قتال الكفار حتى لو زهقت أرواح المسلمين، فالمسلم مأجور على فعله والمقتول يبعثه الله على نيته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015