ومن المعلوم أصولياً؛ أن الإجماع - وإن كان حجة شرعية - إلا أنه لا يُتصور ولا يمكن أن ينعقد إلا ويكون مستنداً لدليل من الكتاب أو السنة أو القياس.

وذلك المستند الذي يرجع إليه قد يطلع عليه بعض الفقهاء ويدركه ويصل إليه وقد يغيب عن غيرهم، إلا أنه لا يمكن أن يخفى على جميعهم، لأن الدين اكتمل، والشريعة تمت، وإحداث حكم شرعي استقلالاً من غير رجوع إلى أحد الأصلين يُعد تشريعاً واجتماعاً على ضلالة، والأمة بمجموعها معصومة عن ذلك.

ومع هذا، فمع تحقق صحة الإجماع وثبوته، فلا يلزم المفتي أو العالم البحث عن مستنده إلا من جهة تقوية الدليل وعَضْدِ الحجة.

قال الشيرازي الشافعي:"اعلم أن الإجماع لا ينعقد إلا على دليل فإذا رأيت إجماعهم على حكم علمنا أن هناك دليلا جمعهم سواء عرفنا ذلك الدليل أو لم نعرفه ويجوز أن ينعقد عن كل دليل يثبت به الحكم كأدلة العقل في الأحكام ونص الكتاب والسنة وفحواهما وأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإقراره والقياس وجميع وجوه الاجتهاد،". (?)

وإنما ذكَّرت بهذه القاعدة الأصولية في هذا الموضع لنستصحبها عند ذكر بعض الأدلة اللاحقة التي اعتمد عليها الفقهاء في تقرير هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015