الرميُ إِن كَانَ فِي حَال التحام، وَإِن لمْ يَكُونُوا مُلتحمين، فقدْ قِيل: يكفُّ، وقِيل: يضرِبُ قَاصِدا إِلى المتترس، وَلَو تترّسوا بِمُسلم، فإِن لمْ يعلم بِهِ، فَرمى، فَأصَاب الْمُسلم، فَلَا قَود وَلَا دِيَة، وَتجب الكفارةُ، وَإِن علمه مُسلما، فإِن قصد الْكَافِر، فَأصَاب الْمُسلم، تجب الدِّية وَالْكَفَّارَة، وَلَا قَود، وَإِن ضرب الْمُسلم، إِذا لمْ يتَوَصَّل إِلى الْكَافِر إِلَّا بضربه، فَفِي الْقود قَولَانِ." (?)
وقال ابن رشد رحمه الله:"وَاتَّفَقَ عَوَّامُ الْفُقَهَاءِ عَلَى جَوَازِ رَمْيِ الْحُصُونِ بِالْمَجَانِيقِ، سَوَاءً كَانَ فِيهَا نِسَاءٌ وَذُرِّيَّةٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِمَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: نَصَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ (?).
وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْحِصْنُ فِيهِ أُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطْفَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَكُفُّ عَنْ رَمْيِهِمْ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَ اللَّيْثُ: ذَلِكَ جَائِزٌ.
وَمُعْتَمَدُ مَنْ لَمْ يُجِزْهُ قَوْله تَعَالَى: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح:25] الْآيَةَ. وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الْمَصْلَحَةِ.
فَهَذَا هُوَ مِقْدَارُ النِّكَايَةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تَبْلُغَ بِهِمْ فِي نُفُوسِهِمْ وَرِقَابِهِمْ. وَأَمَّا النِّكَايَةُ الَّتِي تَجُوزُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَذَلِكَ فِي الْمَبَانِي